المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الفرقان: [الآية 60]
سورة الفرقان | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (71) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (72)
«وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» شهادة الزور الميل إلى الباطل عن الحق ، فإن الزور هو الميل «وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً» أي لم ينظروا لما أسقط اللّه النظر إليه ، فلم يتدنسوا بشيء منه ، فمروا به غير ملتفتين إليه «كِراماً» فما أثر فيهم ، فإنه مقام تستحليه النفوس ، وتقبل عليه للمخالفة التي جبلها اللّه عليه ، وهذه هي النفوس الأبية أي التي تأبى الرذائل ،
فهي نفوس الكرام من عباد اللّه ، والتحقوا بهذه الصفة بالملإ الأعلى ، الذين قال اللّه فيهم : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ) فنعتهم بأنهم كرام ، فكل وصف يلحقك بالملإ الأعلى فهو شرف في حقك .
------------
(72) الفتوحات ج 2 / 620 ، 37تفسير ابن كثير:
ثم قال تعالى منكرا على المشركين الذين يسجدون لغير الله من الأصنام والأنداد : ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ) ؟ أي : لا نعرف الرحمن . وكانوا ينكرون أن يسمى الله باسمه الرحمن ، كما أنكروا ذلك يوم الحديبية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب : " اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " فقالوا : لا نعرف الرحمن ولا الرحيم ، ولكن اكتب كما كنت تكتب : باسمك اللهم; ولهذا أنزل الله : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ الإسراء : 110 ] أي : هو الله وهو الرحمن . وقال في هذه الآية : ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ) ؟ أي : لا نعرفه ولا نقر به؟ ( أنسجد لما تأمرنا ) أي : لمجرد قولك؟ ( وزادهم نفورا ) ، أما المؤمنون فإنهم يعبدون الله الذي هو الرحمن الرحيم ، ويفردونه بالإلهية ويسجدون له . وقد اتفق العلماء - رحمهم الله - على أن هذه السجدة التي في الفرقان مشروع السجود عندها لقارئها ومستمعها ، كما هو مقرر في موضعه ، والله أعلم .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ } أي: وحده الذي أنعم عليكم بسائر النعم ودفع عنكم جميع النقم. { قَالُوا } جحدا وكفرا { وَمَا الرَّحْمَنُ } بزعمهم الفاسد أنهم لا يعرفون الرحمن، وجعلوا من جملة قوادحهم في الرسول أن قالوا: ينهانا عن اتخاذ آلهة مع الله وهو يدعو معه إلها آخر يقول: " يا رحمن " ونحو ذلك كما قال تعالى: { قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } فأسماؤه تعالى كثيرة لكثرة أوصافه وتعدد كماله، فكل واحد منها دل على صفة كمال.
{ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } أي: لمجرد أمرك إيانا. وهذا مبني منهم على التكذيب بالرسول واستكبارهم عن طاعته، { وَزَادَهُمْ } دعوتهم إلى السجود للرحمن { نُفُورًا } هربا من الحق إلى الباطل وزيادة كفر وشقاء.
تفسير البغوي
( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ) ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة ، يعنون مسيلمة الكذاب ، كانوا يسمونه رحمن اليمامة . ) ( أنسجد لما تأمرنا ) قرأ حمزة والكسائي " يأمرنا " بالياء ، أي : لما يأمرنا محمد بالسجود له ، وقرأ الآخرون بالتاء ، أي : لما تأمرنا أنت يا محمد ، ) ( وزادهم ) يعني : زادهم قول القائل لهم : " اسجدوا للرحمن " ( نفورا ) عن الدين والإيمان .
الإعراب:
(وَإِذا) ظرف يتضمن معنى الشرط (قِيلَ) ماض مبني للمجهول والجملة في محل جر مضاف إليه (لَهُمُ) متعلق بقيل (اسْجُدُوا) أمر وفاعل والجملة مقول القول (لِلرَّحْمنِ) متعلقان باسجدوا (قالُوا) الجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم (وَمَا) الواو زائدة وما اسم استفهام مبتدأ (الرَّحْمنُ) خبر والجملة مقول القول (أَنَسْجُدُ) الهمزة للاستفهام الإنكاري وجملة نسجد مقول القول (لِما) ما موصولية وهما متعلقان بنسجد (تَأْمُرُنا) مضارع وفاعل مستتر ونا مفعول به والجملة صلة (وَزادَهُمْ نُفُوراً) ماض فاعله مستتر ومفعول به و(نُفُوراً) تمييز والجملة معطوفة