الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الإسراء: [الآية 7]

سورة الإسراء
إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلْءَاخِرَةِ لِيَسُۥٓـُٔوا۟ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا۟ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا۟ مَا عَلَوْا۟ تَتْبِيرًا ﴿7﴾

تفسير الجلالين:

وقلنا «إن أحسنتم» بالطاعة «أحسنتم لأنفسكم» لأن ثوابه لها «وإن أسأتم» بالفساد «فلها» إساءتكم «فإذا جاء وعد» المرة «الآخرة» بعثناهم «ليسوءوا وجوهكم» يحزنوكم بالقتل والسبي حزنا يظهر في وجوهكم «وليدخلوا المسجد» بيت المقدس فيخربوه «كما دخلوه» وخربوه «أول مرة وليتبروا» يهلكوا «ما علوْا» غلبوا عليه «تتبيرا» هلاكا وقد أفسدوا ثانيا بقتل يحيى فبعث عليهم بختنصر فقتل منهم ألوفا وسبى ذريتهم وخرب بيت المقدس.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (111)

أمرك الحق في هذه الآية أن تكبره تكبيرا عن الولد والشريك والولي ، فإذا كبرت ربك فقيّده في ذلك بما قيده الحق ، ولا تطلق فيفتك خير كثير وعلم كبير ، فتكبيرك للحق عن أن يتخذ ولدا ، فإن الولد للوالد ليس بمتخذ ، لأنه لا عمل له فيه على الحقيقة ، وإنما وضع ماء في رحم صاحبته ، وتولى إيجاد عين الولد سبب آخر ، والمتخذ الولد إنما هو المتبني ،

[ «وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً» ]

فقال تعالى لنا «وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً» لأنه لو اتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء ، فكان يتبنى ما شاء ، فما فعل فعل من لم يتخذ ولدا ،

وقوله تعالى (لَمْ يَلِدْ)

ذلك ولد الصلب ، فليس له تعالى ولد ولا تبنى أحدا ، فنفى عنه الولد من الجهتين ، لما ادعت طائفة من اليهود والنصارى أنهم أبناء اللّه ، وأرادوا التبني ، فإنهم عالمون بآبائهم ، وقالوا في المسيح : إنه ابن اللّه ، إذ لم يعرفوا له أبا ولا تكوّن عن أب «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ» وقيد تعالى التكبير عن الشريك في الملك لا في الإيجاد ، لأن اللّه تعالى أوجد الأشياء على ضربين : ضرب أوجده بوجود أسبابه ، وضرب أوجده بلا سبب ، وهو إيجاد أعيان الأسباب الأول ، ولما كان السبب من الملك لم يثبت الشريك في الملك ، ولهذا قيد التكبير عن الشريك في الملك ، وهو كل ما سوى اللّه ، وقد ثبت شرعا وعقلا أن اللّه تعالى أحدي المرتبة ، فلا إله إلا هو وحده لا شريك له في الملك ، فما هو مثل الشريك في الملك ، فإن ذلك منفي على الإطلاق ، لأنه في نفس الأمر منفي العين «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ» أي ناصر من أجل الذل ، فإن الولي موجود العين ، وهو ينصر اللّه ابتغاء القربة إليه والتحبب ، عسى يصطفيه ويدنيه ، لا لذل ناله فينصره على من أذله ، أو ينصره لضعفه تعالى ، فأمرنا أن نكبره أن يكون له ولي من الذل ، فقيد بقوله تعالى «مِنَ الذُّلِّ»

لأنه تعالى يقول : (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) فما نصرناه من ذل وهو سبحانه الناصر ،

وقد قال تعالى : (كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ) والناصر هو الولي ، فلهذا قيده ، فإذا كبرته عن الولي فاعلم عن أي ولي تكبره «وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً» عن هذين الوصفين ، فإذا كبرت ربك فكبره كما كبر نفسه ، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، وهم الذين يكبرونه عما لم يكبر نفسه ، في قوله : يفرح بتوبة عبده ، ويتبشش إلى من جاء إلى بيته ، ويباهي ملائكته بأهل الموقف ،

ويقول : جعت فلم تطعمني ، فأنزل نفسه منزلة عبده ، فإن كبرته بأن تنزهه عن هذه المواطن فلم تكبره بتكبيره ، بل أكذبته ، فهؤلاء هم الظالمون على الحقيقة ، فليس تكبيره إلا ما يكبر به نفسه ، فقف عند حدّك ولا تحكم على ربك بعقلك - بحث في الحمد - قال اللّه تعالى آمرا «وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ»

اعلم أن الحمد والمحامد هي عواقب الثناء ، ولهذا يكون آخرا في الأمور ، كما ورد أن آخر دعواهم أن الحمد للّه رب العالمين ،

وقوله صلّى اللّه عليه وسلم في الحمد : إنها تملأ الميزان ، أي هي آخر ما يجعل في الميزان ، وذلك لأن التحميد يأتي عقيب الأمور ،

ففي السراء يقول : [ الحمد للّه المنعم المفضل ]

وفي الضراء يقال : [ الحمد للّه على كل حال ] والحمد هو الثناء على اللّه ، وهو على قسمين ، ثناء عليه بما هو له ، كالثناء بالتسبيح

والتكبير والتهليل ، وثناء عليه بما يكون منه ، وهو الشكر على ما أسبغ من الآلاء والنعم ، وله العواقب فإن مرجع الحمد ليس إلا إلى اللّه ، فإنه المثني على العبد والمثنى عليه ، وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلم : [ أنت كما أثنيت على نفسك ] وهو الذي أثنى به العبد عليه ، فرد الثناء له من كونه مثنيا اسم فاعل ومن كونه مثنيا عليه اسم مفعول ، فعاقبة الحمد في الأمرين له تعالى ،

وتقسيم آخر : وهو أن الحمد يرد من اللّه مطلقا ومقيدا في اللفظ ، وإن كان مقيدا بالحال فإنه لا يصح في الوجود الإطلاق فيه ، لأنه لا بد من باعث على الحمد ، وذلك الباعث هو الذي قيده وإن لم يتقيد لفظا ، كأمره في قوله تعالى «وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ» فلم يقيد ، وأما المقيد فلا بد أن يكون مقيدا بصفة فعل كقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)

وكقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) و (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ) وقد يكون مقيدا بصفة تنزيه كقوله : «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً» واعلم أن الحمد لما كان يعطي المزيد للحامد ، علمنا أن الحمد بكل وجه شكر ، لأنه ثناء على اللّه ، ولا نحمده تعالى إلا بما أعلمنا أن نحمده به ، فحمده مبناه على التوقيف ، وقد خالفنا في ذلك جماعة من علماء الرسوم ، فإن التلفظ بالحمد على جهة القربة لا يصح إلا من جهة الشرع

- مسألة -قوله تعالى" وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ " على هذه المسألة تبتني مسألة : العبد هل يملك أم لا يملك ؟

فمن رأى شركة الأسباب التي لا يمكن وجود المسببات إلا بها لم يثبت الشريك في الملك ، لأن السبب من الملك ، وهو كالآلة ، والآلة يوجد بها ما هو ملك للموجد ، كما هي الآلة ملك للموجد ، وما تملك الآلة شيئا ، فنفى الشريك في الملك لا في الإيجاد ، فيضاف التابوت إلى النجار من كونه صنعة لصانعه - ولم يصنع إلا بالآلة ،

ثم ثمّ إضافة أخرى ، وهو إن كان النجار صنع في حق نفسه أضيف التابوت إليه لأنه ملكه ، وإن كان الخشب لغيره فالتابوت من حيث صنعته يضاف إلى النجار ومن حيث الملك يضاف للمالك لا إلى النجار ، فالنجار آلة للمالك ، واللّه ما نفى إلا الشريك في الملك لا الشريك في الصنعة .

------------

(111) الفتوحات ج 2 / 404 ، 405 - ج 3 / 483 - ج 2 / 405 - ج 4 / 96

تفسير ابن كثير:

ثم قال تعالى : ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ) أي : فعليها ، كما قال تعالى : ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ) [ فصلت : 46 ] .

وقوله : ( فإذا جاء وعد الآخرة ) أي : المرة الآخرة أي : إذا أفسدتم المرة الثانية وجاء أعداؤكم ( ليسوءوا وجوهكم ) أي : يهينوكم ويقهروكم ( وليدخلوا المسجد ) أي بيت المقدس ( كما دخلوه أول مرة ) أي : في التي جاسوا فيها خلال الديار ) وليتبروا ) أي : يدمروا ويخربوا ) ما علوا ) أي : ما ظهروا عليه ( تتبيرا )


تفسير الطبري :

قوله تعالى {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم} أي نفع إحسانكم عائد عليكم. {وإن أسأتم فلها} أي فعليها؛ نحو سلام لك، أي سلام عليك. قال : فخر صريعا لليدين وللفم أي على اليدين وعلى الفم. وقال الطبري : اللام بمعنى إلى، يعني وإن أسأتم فإليها، أي فإليها ترجع الإساءة؛ لقوله تعالى {بأن ربك أوحى لها} [الزلزلة : 5] أي إليها. وقيل : فلها الجزاء والعقاب. وقال الحسين بن الفضل : فلها رب يغفر الإساءة. ثم يحتمل أن يكون هذا خطابا لبني إسرائيل في أول الأمر؛ أي أسأتم فحل بكم القتل والسبي والتخريب ثم أحسنتم فعاد إليكم الملك والعلو وانتظام الحال. ويحتمل أنه خوطب بهذا بنو إسرائيل في زمن محمد صلى الله عليه وسلم؛ أي عرفتم استحقاق أسلافكم للعقوبة على العصيان فارتقبوا مثله. أو يكون خطابا لمشركي قريش على هذا الوجه. {فإذا جاء وعد الآخرة} من إفسادكم؛ وذلك أنهم قتلوا في المرة الثانية يحيى بن زكريا عليهما السلام، قتله ملك من بني إسرائيل يقال له لاخت؛ قاله القتبي. وقال الطبري : اسمه هردوس، ذكره في التاريخ؛ حمله على قتله امرأة اسمها أزبيل. وقال السدي : كان ملك بني إسرائيل يكرم يحيى بن زكريا ويستشيره في الأمر، فاستشاره الملك أن يتزوج بنت امرأة له فنهاه عنها وقال : إنها لا تحل لك؛ فحقدت أمها على يحيى عليه السلام، ثم ألبست ابنتها ثيابا حمرا رقاقا وطيبتها وأرسلتها إلى الملك وهو على شرابه، وأمرتها أن تتعرض له، وإن أرادها أبت حتى يعطيها ما تسأله؛ فإذا أجاب سألت أن يؤتى برأس يحيى بن زكريا في طست من ذهب؛ ففعلت ذلك حتى أتى برأس يحيى بن زكريا والرأس تتكلم حتى وضع بين يديه وهو يقول : لا تحل لك؛ لا تحل لك؛ فلما أصبح إذا دمه يغلي، فألقى عليه التراب فغلى فوقه، فلم يزل يلقى عليه التراب حتى بلغ سور المدينة وهو في ذلك يغلي؛ ذكره الثعلبي وغيره. وذكر ابن عساكر الحافظ في تاريخه عن الحسين بن علي قال : كان ملك من هذه الملوك مات وترك امرأته وابنته فورث ملكه أخوه، فأراد أن يتزوج امرأة أخيه، فاستشار يحيى بن زكريا في ذلك، وكانت الملوك في ذلك الزمان يعملون بأمر الأنبياء، فقال له : لا تتزوجها فإنها بغي؛ فعرفت ذلك المرأة أنه قد ذكرها وصرفه عنها، فقالت : من أين هذا! حتى بلغها أنه من قبل يحيى، فقالت : ليقتلن يحيى أو ليخرجن من ملكه، فعمدت إلى ابنتها وصنعتها، ثم قالت : اذهبي إلى عمك عند الملأ فإنه إذا رآك سيدعوك ويجلسك في حجره، ويقول سليني ما شئت، فإنك لن تسأليني شيئا إلا أعطيتك، فإذا قال لك ذلك فقولي : لا أسأل إلا رأس يحيى. قال : وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على رءوس الملأ ثم لم يمض له نزع من ملكه؛ ففعلت ذلك. قال : فجعل يأتيه الموت من قتله يحيى، وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه، فاختار ملكه فقتله. قال : فساخت بأمها الأرض. قال ابن جدعان : فحدثت بهذا الحديث ابن المسيب فقال: أفما أخبرك كيف كان قتل زكريا؟ قلت: لا؛ إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هاربا منهم واتبعوه حتى أتى على شجرة ذات ساق فدعته إليها فانطوت عليه وبقيت من ثوبه هدبة تكفتها الرياح، فانطلقوا إلى الشجرة فلم يجدوا أثره بعدها، ونظروا بتلك الهدبة فدعوا بالمنشار فقطعوا الشجرة فقطعوه معها. قلت : وقع في التاريخ الكبير للطبري فحدثني أبو السائب قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : (بعث عيسى بن مريم يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس، قال : كان فيما نهوهم عنه نكاح ابنة الأخ، قال : وكان لملكهم ابنة أخ تعجبه... )وذكر الخبر بمعناه. وعن ابن عباس قال : (بعث يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس، وكان فيما يعلمونهم ينهونهم عن نكاح بنت الأخت، وكان لملكهم بنت أخت تعجبه، وكان يريد أن يتزوجها، وكان لها كل يوم حاجة يقضيها، فلما بلغ ذلك أمها أنهم نهوا عن نكاح بنت الأخت قالت لها : إذا دخلت على الملك فقال ألك حاجة فقولي : حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا؛ فقال : سليني سوى هذا! قالت : ما أسألك إلا هذا. فلما أبت عليه دعا بطست ودعا به فذبحه، فندرت قطرة من دمه على وجه الأرض فلم تزل تغلي حتى بعث الله عليهم بختنصر فألقى في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن ذلك الدم، فقتل عليه منهم سبعين ألفا، في رواية خمسة وسبعين ألفا. قال سعيد بن المسيب : هي دية كل نبي. وعن ابن عباس قال : (أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا). وعن سمير بن عطية قال : قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعون نبيا منهم يحيى بن زكريا. وعن زيد بن واقد قال : رأيت رأس يحيى عليه السلام حيث أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبة التي تلي المحراب مما يلي الشرق، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير. وعن قرة بن خالد قال : ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي؛ وحمرتها بكاؤها. وعن سفيان بن عيينة قال : أوحش ما يكون ابن آدم في ثلاثة مواطن : يوم ولد فيخرج إلى دار هم، وليلة يبيت مع الموتى فيجاور جيرانا لم ير مثلهم، ويوم يبعث فيشهد مشهدا لم ير مثله؛ قال الله تعالى ليحيى في هذه الثلاثة مواطن {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} [مريم : 15]. كله من التاريخ المذكور. واختلف فيمن كان المبعوث عليهم في المرة الآخرة؛ فقيل : بختنصر. وقاله القشيري أبو نصر، لم يذكر غيره. قال السهيلي : وهذا لا يصح؛ لأن قتل يحيى كان بعد رفع عيسى، وبختنصر كان قبل عيسى ابن مريم عليهما السلام بزمان طويل.، وقبل الإسكندر؛ وبين الإسكندر وعيسى نحو من ثلاثمائة سنة، ولكنه أريد بالمرة الأخرى حين قتلوا شعيا، فقد كان بختنصر إذ ذاك حيا، فهو الذي قتلهم وخرب بيت المقدس واتبعهم إلى مصر. وأخرجهم منها. وقال الثعلبي : ومن روى أن بختنصر هو الذي غزا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا فغلط عند أهل السير والأخبار؛ لأنهم مجمعون على أن بختنصر إنما غزا بني إسرائيل عند قتلهم شعيا وفي عهد إرمياء. قالوا : ومن عهد إرمياء وتخريب بختنصر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكريا عليهما السلام أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة، وذلك أنهم يعدون من عهد تخريب بيت المقدس إلى عمارته في عهد كوسك سبعين سنة، ثم من بعد عمارته إلى ظهور الإسكندر على بيت المقدس ثمانية وثمانين سنة، ثم من بعد مملكة الإسكندر إلى مولد يحيى ثلاثمائة وثلاثا وستين سنة. قلت : ذكر جميعه الطبري في التاريخ رحمه الله. قال الثعلبي : والصحيح من ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق قال : لما رفع الله عيسى من بين أظهرهم وقتلوا يحيى - وبعض الناس يقول : لما قتلوا زكريا - بعث الله إليهم ملكا من ملوك بابل يقال له : خردوس، فسار إليهم بأهل بابل وظهر عليهم بالشأم، ثم قال لرئيس جنوده : كنت حلفت بإلهي لئن أظهرني الله على بيت المقدس لأقتلنهم حتى تسيل دماؤهم في وسط عسكري، وأمر أن يقتلهم حتى يبلغ ذلك منهم، فدخل الرئيس بيت المقدس فوجد فيها دماء تغلي، فسألهم فقالوا : دم قربان قربناه فلم يتقبل منا منذ ثمانين سنة. قال ما صدقتموني، فذبح على ذلك الدم سبعمائة وسبعين رجلا من رؤسائهم فلم يهدأ، فأتى بسبعمائة غلام من غلمانهم فذبحوا على الدم فلم يهدأ، فأمر بسبعة آلاف من سبيهم وأزواجهم فذبحهم على الدم فلم يبرد، فقال : يا بني إسرائيل، أصدقوني قبل ألا أترك منكم نافخ نار من أنثى ولا من ذكر إلا قتلته. فلما رأوا الجهد قالوا : إن هذا دم نبي منا كان ينهانا عن أمور كثيرة من سخط الله فقتلناه، فهذا دمه، كان اسمه يحيى بن زكريا، ما عصى الله قط طرفة عين ولا هم بمعصية. فقال : الآن صدقتموني، وخر ساجدا ثم قال : لمثل هذا ينتقم منكم، وأمر بغلق الأبواب وقال : أخرجوا من كان هاهنا من جيش خردوس، وخلا في بني إسرائيل وقال : يا نبي الله يا يحيى بن زكريا قد علم ربي وربك ما قد أصاب قومك من أجلك، فاهدأ بإذن الله قبل ألا أبقي منهم أحدا. فهدأ دم يحيى بن زكريا بإذن الله عز وجل، ورفع عنهم القتل وقال : رب إني آمنت بما آمن به بنو إسرائيل وصدقت به؛ فأوحى الله تعالى إلى رأس من رءوس الأنبياء : إن هذا الرئيس مؤمن صدوق. ثم قال : إن عدو الله خردوس أمرني أن أقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره، وإني لا أعصيه، فأمرهم فحفروا خندقا وأمر بأموالهم من الإبل والخيل والبغال والحمير والبقر والغنم فذبحوها حتى سال الدم إلى العسكر، وأمر بالقتلى الذين كانوا قتلوا قبل ذلك فطرحوا على ما قتل من مواشيهم، ثم انصرف عنهم إلى بابل، وقد كاد أن يفني بني إسرائيل. قلت : قد ورد في هذا الباب حديث مرفوع فيه طول من حديث حذيفة، وقد كتبناه في كتاب التذكرة مقطعا في أبواب في أخبار المهدي، نذكر منها هنا ما يبين معنى الآية ويفسرها حتى لا يحتاج معه إلى بيان، قال حذيفة : قلت يا رسول الله، لقد كان بيت المقدس عند الله عظيما جسيم الخطر عظيم القدر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هو من أجل البيوت ابتناه الله لسليمان بن داود عليهما السلام من ذهب وفضة ودر وياقوت وزمرد) : وذلك أن سليمان بن داود لما بناه سخر الله له الجن فأتوه بالذهب والفضة من المعادن، وأتوه بالجواهر والياقوت والزمرد، وسخر الله تعالى له الجن حتى بنوه من هذه الأصناف. قال حذيفة : فقلت يا رسول الله، وكيف أخذت هذه الأشياء من بيت المقدس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بني إسرائيل لما عصوا الله وقتلوا الأنبياء سلط الله عليهم بختنصر وهو من المجوس وكان ملكه سبعمائة سنة، وهو قوله {فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا} فدخلوا بيت المقدس وقتلوا الرجال وسبوا النساء والأطفال وأخذوا الأموال وجميع ما كان في بيت المقدس من هذه الأصناف فاحتملوها على سبعين ألفا ومائة ألف عجلة حتى أودعوها أرض بابل، فأقاموا يستخدمون بني إسرائيل ويستملكونهم بالخزي والعقاب والنكال مائة عام، ثم إن الله عز وجل رحمهم فأوحى إلى ملك من ملوك فارس أن يسير إلى المجوس في أرض بابل، وأن يستنقذ من في أيديهم من بني إسرائيل؛ فسار إليهم ذلك الملك حتى دخل أرض بابل فاستنقذ من بقي من بني إسرائيل من أيدي المجوس واستنقذ ذلك الحلي الذي كان في بيت المقدس ورده الله إليه كما كان أول مرة وقال لهم : يا بني إسرائيل إن عدتم إلى المعاصي عدنا عليكم بالسبي والقتل، وهو قوله {عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا}[الإسراء : 8] فلما رجعت بنو إسرائيل إلى بيت المقدس عادوا إلى المعاصي فسلط الله عليهم ملك الروم قيصر، وهو قوله {فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا} فغزاهم في البر والبحر فسباهم وقتلهم وأخذ أموالهم ونساءهم، وأخذ حلي جميع بيت المقدس واحتمله على سبعين ألفا ومائة ألف عجلة حتى أودعه في كنيسة الذهب، فهو فيها الآن حتى يأخذه المهدي فيرده إلى بيت المقدس، وهو ألف سفينة وسبعمائة سفينة يرسى بها على يافا حتى تنقل إلى بيت المقدس وبها يجمع الله الأولين والآخرين... وذكر الحديث. قوله تعالى {فإذا جاء وعد الآخرة} أي من المرتين؛ وجواب {إذا} محذوف، تقديره بعثناهم؛ دل عليه {بعثنا} الأول. {ليسوءوا وجوهكم} أي بالسبي والقتل فيظهر أثر الحزن في وجوهكم؛ فـ{ليسوءوا} متعلق بمحذوف؛ أي بعثنا عبادا ليفعلوا بكم ما يسوء وجوهكم. قيل : المراد بالوجوه السادة؛ أي ليذلوهم. وقرأ الكسائي {لنسوء} بنون وفتح الهمزة، فعل مخبر عن نفسه معظم، اعتبارا بقوله (وقضينا - وبعثنا - ورددنا). ونحوه عن علي. وتصديقها قراءة أُبَي {لنسوءن} بالنون وحرف التوكيد. وقرأ أبو بكر والأعمش وابن وثاب وحمزة وابن عامر {ليسوء} بالياء على التوحيد وفتح الهمزة؛ ولها وجهان : أحدهما : ليسوء الله وجوهكم. والثاني : ليسوء الوعد وجوهكم. وقرأ الباقون {ليسوءوا} بالياء وضم الهمزة على الجمع؛ أي ليسوء العباد الذين هم أولو بأس شديد وجوهكم. {وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا} أي ليدمروا ويهلكوا. وقال قطرب : يهدموا؛ قال الشاعر : فما الناس إلا عاملان فعامل ** يتبر ما يبني وآخر رافع {ما علوا} أي غلبوا عليه من بلادكم {تتبيرا}.

التفسير الميسّر:

إن أحسنتم أفعالكم وأقوالكم فقد أحسنتم لأنفسكم؛ لأن ثواب ذلك عائد إليكم، وإن أسأتم فعقاب ذلك عائد عليكم، فإذا حان موعد الإفساد الثاني سَلَّطْنا عليكم أعداءكم مرة أخرى؛ ليذلوكم ويغلبوكم، فتظهر آثار الإهانة والمذلة على وجوهكم، وليدخلوا عليكم "بيت المقدس" فيخرِّبوه، كما خرَّبوه أول مرة، وليدمروا كل ما وقع تحت أيديهم تدميرًا كاملا.

تفسير السعدي

{ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ } لأن النفع عائد إليكم حتى في الدنيا كما شاهدتم من انتصاركم على أعدائكم. { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } أي: فلأنفسكم يعود الضرر كما أراكم الله من تسليط الأعداء.

{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ } أي: المرة الآخرة التي تفسدون فيها في الأرض سلطنا عليكم الأعداء.

{ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ } بانتصارهم عليكم وسبيكم وليدخلوا المسجد الحرام كما دخلوه أول مرة، والمراد بالمسجد مسجد بيت المقدس.

{ وَلِيُتَبِّرُوا } أي: يخربوا ويدمروا { مَا عَلَوْا } عليه { تَتْبِيرًا } فيخربوا بيوتكم ومساجدكم وحروثكم.


تفسير البغوي

( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ( أي : لها ثوابها ، ( وإن أسأتم فلها ( أي : فعليها كقوله تعالى : " فسلام لك " ( الواقعة - 91 ) أي : عليك وقيل : فلها الجزاء والعقاب .

( فإذا جاء وعد الآخرة ( أي : المرة الأخيرة من إفسادكم ، وذلك قصدهم قتل عيسى عليه السلام حين رفع ، وقتلهم يحيى بن زكريا عليهما السلام ، فسلط الله عليهم الفرس والروم خردوش وطيطوس حتى قتلوهم وسبوهم ونفوهم عن ديارهم ، فذلك قوله تعالى ( ليسوءوا وجوهكم ( أي : تحزن وجوهكم وسوء الوجه بإدخال الغم والحزن .

قرأ الكسائي [ ويعقوب ] . " لنسوء " بالنون وفتح الهمزة على التعظيم كقوله : " وقضينا " و " بعثنا " وقرأ ابن عامر وحمزة وأبو بكر بالياء [ وفتح ] الهمزة [ على التوحيد ] أي : ليسوء الله وجوهكم وقيل : ليسوء الوعد وجوهكم .

وقرأ الباقون بالياء وضم الهمزة على الجمع أي ليسوء العباد أولوا البأس الشديد وجوهكم . ( وليدخلوا المسجد ( يعني : بيت المقدس ونواحيه ( كما دخلوه أول مرة وليتبروا ( وليهلكوا ( ما علوا ( أي : ما غلبوا عليه من بلادكم ( تتبيرا (


الإعراب:

(إِنْ) حرف شرط جازم (أَحْسَنْتُمْ) فعل الشرط ماض وفاعله والجملة ابتدائية (أَحْسَنْتُمْ) ماض وفاعله والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط لم يقترن بالفاء (لِأَنْفُسِكُمْ) متعلقان بأحسنتم (وَإِنْ) الواو استئنافية وإن شرطية (أَسَأْتُمْ) ماض وفاعل والجملة ابتدائية لا محل لها (فَلَها) الفاء رابطة للجواب ولها متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف تقديره فلها إساءتها والجملة في محل جزم جواب الشرط (فَإِذا) الفاء استئنافية وإذا ظرف يتضمن معنى الشرط (جاءَ وَعْدُ) ماض وفاعله والجملة مضاف إليه (الْآخِرَةِ) مضاف إليه (لِيَسُوؤُا) اللام للتعليل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل بحذف النون والواو فاعل واللام وما بعدها متعلقان بمحذوف جواب إذا والتقدير بعثناهم ليسوؤوا (وُجُوهَكُمْ) مفعول به والكاف مضاف إليه (وَلِيَدْخُلُوا) معطوف على ليسوؤوا وإعرابه كإعرابه (الْمَسْجِدَ) مفعول به (كَما) الكاف حرف تشبيه وما مصدرية (دَخَلُوهُ) ماض وفاعله ومفعوله والكاف وما بعدها في تأويل مصدر في محل نصب صفة لمفعول مطلق محذوف أي دخولا كائنا مثل دخولهم.

(أَوَّلَ) ظرف زمان منصوب (مَرَّةٍ) مضاف إليه (وَلِيُتَبِّرُوا) معطوف على ليدخلوا وإعرابه مثله (ما) موصولية مفعول به (عَلَوْا) ماض وفاعله والجملة صلة (تَتْبِيراً) مفعول مطلق.

---

Traslation and Transliteration:

In ahsantum ahsantum lianfusikum wain asatum falaha faitha jaa waAAdu alakhirati liyasoooo wujoohakum waliyadkhuloo almasjida kama dakhaloohu awwala marratin waliyutabbiroo ma AAalaw tatbeeran

بيانات السورة

اسم السورة سورة الإسراء (Al-Isra - The Night Journey)
ترتيبها 17
عدد آياتها 111
عدد كلماتها 1559
عدد حروفها 6480
معنى اسمها (الإِسْرَاءُ): رِحْلَةُ النَّبيِّ ﷺ لَيلًا مَعَ جِبْرِيلَ عليه السلام عَلَى دَابَّةِ البُرَاقِ بِجَسَدِهِ وَرُوحِهِ مَعًا مِنَ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ بِمَكَّةَ المُكَرَّمَةِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى بِفِلَسْطِين
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُعْجِزَةِ الْإِسْرَاءِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْإِسْرَاءِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (بني إِسْرَائِيلَ)، وَسُورَةَ (سُبۡحَٰنَ)
مقاصدها بَيَانُ شَخْصِيَّةِ النَّبيّ ﷺ وَفَضْلِهِ وَرِسَالَتِهِ، وَوَصْفُ الْمُكَذِّبِينَ الْمُعَارِضِينَ لِلرِّسَالَةِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعْضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها تُستَحَبُّ قِراءَتُهَا قَبلَ النَّومِ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنه: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لاَ يَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى يَقْرَأَ (بَنِي إِسْرَائِيلَ والزُّمَرَ)». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ التِّرمِذيُّ). مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، فَعَنِ ابْنِ مَسعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: فِي (بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالكَهْفِ، وَمَرْيَمَ، وَطَهَ، وَالأنْبِيَاءِ) -«هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي». (رَوَاهُ البُخَارِيّ). (الإِسْرَاءُ) مِنَ المُسَبِّحَاتِ، أَتَى رَجُلٌ رسولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلاثًا مِنَ المُسَبِّحَات». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الإسْرَاءِ) بِآخِرِهَا: تَنزِيهُ اللهِ تَعَالَى، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ ...١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا ...١١١﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الإِسْرَاءِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النَّحْلِ): لَمَّا خُتَمَتِ (النَّحْلُ) بِمَعِيَّةِ اللهِ لِلْمُتَّقِينَ فِي قَولِهِ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ ١٢٨﴾ افْتُتِحَتِ (الإِسْرَاءُ) بِضَربِ مِثَالٍ عَلَى هَذِهِ المَعِيَّةِ -لِإِمَامِ الْمُتَّقِينَ ﷺ -بِمُعْجِزَةِ الإِسْرَاءِ.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!