Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

الحضرات الإلهية والأسماء ءالحسنى

وهو الباب 558 من الفتوحات المكية

(العفو حضرة العفو)

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[88] - (العفو حضرة العفو)

عفوت عن الجائي وما زال عفونا *** يسير بنا حتى أنخنا بداره‏

فلما أنخنا قال من ذا فقلت من *** حقيق على جار يقوم بحاره‏

فإن عجز المسكين عن حق جاره *** فلم يبق إلا أن يكون بداره‏

ولو أنه من كان فالحفظ قائم *** عليه به منه لبعد مزاره‏

فإني له كالبدر عند امتلائه *** بنور معاليه وعند سراره‏

[العفو الإلهي في جناب الحق كالقناعة وهي الاكتفاء بالموجود من غير مزيد]

يدعى صاحبها عبد العفو قال الله تعالى إِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ هذه الحضرة تشبه حضرة الجلال لأنها تجمع الضدين وهذه تجمع بالدلالة بين القليل والكثير هكذا هي في أصل وضع اللسان كالجليل يجمع بين العظيم والحقير فالعفو الإلهي في جناب الحق كالقناعة وهي الاكتفاء بالموجود من غير مزيد والكثير ما زاد على ما تدعو إليه الحاجة فاتصاف الحضرة بالعفو إنها تعطي ما تقتضيه الحاجة لا بد من ذلك من كونه سخيا وحكيما ثم يزيد في العطاء من كونه منعما مفضلا غير محجور عليه ولا تقضي عليه الحاجات بالاقتصار على ما يكون به الاكتفاء فالعطاء للانعام هو العطاء الحق عطاء الجود والمنة لا تحكم عليه العلل ولا يدخله ملل فإنه‏

قد ورد في الصحيح أن الله لا يمل حتى تملوا فإذا تركتم ترك‏

فمن أعطى بعد سؤاله وبذل ماء وجهه فإنما أعطى جزاء ومن أعطى ليشكر فقد أعطى لعلة يعود خيرها عليه ومن أعطى بعد الشكر فقد أعطى جَزاءً وِفاقاً وهذه التقييدات كلها تعطيها حضرة العفو والإطلاق فيها من غير تقييد تعطيه أيضا حضرة العفو فلذلك يطلق على القليل والكثير ومنه إعفاء اللحية فاختلف الناس في إعفائها ما أراد الشرع بهذه اللفظة هل أراد تكثيرها بأن لا يقص منها كما يقص من الشارب وإذا لم يقص منها كثرت وقد يريد أن يأخذ منها قليلا بكونه‏

قال ذلك عند قوله أحفوا الشارب وأعفوا اللحى‏

وإحفاء الشوارب استئصالها بالقص فيحتمل إعفاء اللحية أن لا يستأصلها ويأخذ منها القليل فمن فهم من هذا الحكم طلب الزينة الإلهية في قوله قُلْ من حَرَّمَ زِينَةَ الله نظر في لحيته فإن كانت الزينة في توفيرها وأن لا يأخذ منها شيئا تركها وإن كانت الزينة أظهر في أن يأخذ منها قليلا حتى تكون معتدلة تليق بالوجه وتزينه أخذ منها على هذا الحد وقد ورد أن النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم كان يأخذ من طول اللحية لا من عرضها

فتوجه معنى العفو بالقلة والكثرة على اللحية وأما في المؤاخذة على الذنوب فقال ويَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ فيأخذ على القليل فيدل هذا العفو على أنه لا بد من المؤاخذة ولكن في قلة والقلة قد تكون بالزمان الصغير المدة ثم يغفر الله ويجود بالإنعام ورفع الألم عن المذنب المسلم وقد يكون بالحال فيقل عليه الآلام بالنظر إلى آلام هي أشد منها أين قرصة البرغوث من لدغ الحية ليس بين ألميهما نسبة وكل واحد منهما مؤلم لكن ثم ألم قليل وألم كثير فأهل الاستحقاق وهم المجرمون‏

المأمورون بأن يمتازوا وليس إلا أهل النار الذين هم أهلها وهم المشركون لا عن نظر فيكون أخذهم بالعفو في الزمان لأن زمان العقاب محصور فإذا ارتفع بقي عليهم حكم الزمان الذي لا نهاية لأبده فزمان عذابهم قليل بالإضافة إلى حكم الزمان الذي يؤول إليه أمرهم فهو عفو عز وجل بما يعطي من قليل العذاب وهو عفو بما يعطي من كثير المغفرة والتجاوز فإنه عز وجل قد أمرنا بالعفو والتجاوز والصفح عمن أساء إلينا وهو أولى بهذه الصفة منا ولذلك كان أجر العافين على الله لكونه عَفُوًّا غَفُوراً وما قرن مغفرته حين أطلقها بتوبة ولا عمل صالح بل قال يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا من رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فبالغ وما خص إسرافا من إسراف ولا دارا من دار فلا بد من شمول الرحمة والمغفرة على من أسرف على نفسه والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!