الفتوحات المكية

الحضرات الإلهية والأسماء ءالحسنى

وهو الباب 558 من الفتوحات المكية

«الخليفة حضرة الخلافة»

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[55] - «الخليفة حضرة الخلافة»

إن الخلافة سر الله في البشر *** لذا تحملت ما فيها من الضرر

أنا الخليفة ما عندي سوى نفسي *** فلا أخاف ولا أخشى من الغير

خليفة الحق في الأكوان من ظهرا *** بصورة الحق ملكا كان أو بشرا

فكان من قد أتى نص الكتاب به *** ابنا وجدا وهذا كله ذكرا

وكان يجهل في الأعيان رتبته *** وكان حقا ولم يلحق به غيرا

فلو تراه وقد خرت ملائكة *** لذاته سجدا لقلت ذا سحرا

ومن أبي نزلت في الحال رتبته *** ولم يزل خاسئا مثل الذي كفرا

[الخليفة أي الذي يخلف المسافر في أهلة]

يدعى صاحبها عبد الخليفة

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في دعائه ربه في سفره أنت الصاحب في السفر

وقد مضى فيه القول والخليفة في الأهل فسماه خليفة لما استخلفه أي بين أنه الخليفة أي الذي يخلف المسافر في أهلة فهو خليفة

بالنظر إلى المفارق أهله بسفره وهو صاحب للمقيمين أهل هذا المسافر فنحن نتكلم فيه من حيث إنه خليفة فهو القائم عَلى‏ كُلِّ نَفْسٍ فإن الرجال قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ فسافروا عن أهليهم فاستخلفوا الحق فيهم ليقوم عليهم بما كان يقوم به عليهم صاحبهم وأوفى فمن هذه الحضرة أيضا جعل الله الخلفاء في الأرض واحدا بعد واحد لا يصح ولاية اثنين في زمان واحد

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما

ولا نشك أن النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أخبرنا أن الله هو خليفة المسافر في أهله بجعله لا بجعل المسافر بخلاف الوكالة وسترد حضرة الوكالة إن شاء الله فما جعل الحق نفسه خليفة في أهل المسافر إلا وله حكم ما هو عين الحكم الذي له فيهم من كونه إلها لهم وخالقا وربا ورازقا وكونهم مألوهين له ومخلوقين ومرزوقين ومربوبين فما عين الله للرجل أو القائم في أصله من الحقوق التي لهم عليه فإن الله يتكفل لهم بذلك ما دام مسافرا غائبا عن أهله وما يفعله معهم من الإنعام وغير ذلك مما لا يجب على الرجل لأهله عليه فهو من حضرة أخرى لا من حضرة الخلافة بل من حضرة الوهب أو الكرم أو الجود أو غير ذلك ومما يجب للأهل على القائم بهم مما هو خارج عن مئونتهم حفظ الأهل وصيانته والغيرة عليه فمن خلف غائبا بسوء في أهله فقد أتى بابا من أبواب الكبائر فإنه انتهك حرمة الخليفة في الأهل وغره حلمه وإمهاله وما علم سر الله في ذلك من خير يعود على الغائب فإنه مؤمن وما يقضي الله لمؤمن بقضاء إلا وله فيه خير وكذلك هذا المنتهك من حيث إنه انتهك حرمة الغائب فله فيه خير التبديل لكونه مؤمنا ومن حيث إنه منتهك حرمة الخليفة فأمره إلى الله لا أحكم عليه بشي‏ء إلا أنه في محل الرجاء والخوف من غير ترجيح أ لا ترى إلى موسى عليه السلام كيف قال بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي من بَعْدِي وهذا خطاب خارج عمن استخلفه في قومه وهو هارون فسماهم خلفاء وما استخلفهم لكنه لما تركهم خلفه وسار إلى ربه سماهم بهذا الاسم فاجعل بالك لما تقتضيه هذه الحضرة بما نبهتك عليه والله الموفق لا رب غيره‏


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!