الفتوحات المكية

اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المبحث الرابع والأربعون: في بيان وجوب الكفّ عما شجر بين الصحابة ووجوب اعتقاد أنهم مأجورون

وذلك لأنهم كلهم عدول باتفاق أهل السنة سواء من لابس الفتن ومن لم يلابسها كفتنة عثمان ومعاوية ووقعة الجمل وكل ذلك وجوبا لإحسان الظن بهم وحملا لهم في ذلك على الاجتهاد فإن تلك أمور مبناها عليه وكل مجتهد مصيب أو المصيب واحد والمخطىء معذور بل مأجور. قال ابن الأنباري: وليس المراد بعدالتهم ثبوت العصمة لهم واستحالة العصمة منهم وإنما المراد قبول رواياتهم لنا أحكام ديننا من غير تكلف ببحث عن أسباب العدالة وطلب التزكية، ولم يثبت لنا إلى وقتنا هذا شيء يقدح في عدالتهم وللّه الحمد فنحن على استصحاب ما كانوا عليه من زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، حتى يثبت خلافة ولا التفات إلى ما يذكره بعض أهل السير فإن ذلك لا يصح وإن صح فله تأويل صحيح وما أحسن قول عمر بن عبد العزيز، رضي اللّه عنه، تلك دماء طهر اللّه تعالى منها سيوفنا فلا نخضب لها ألسنتنا وكيف يجوز الطعن في حملة دينن وفيمن لم يأتنا خبر عن نبينا إلا بواسطتهم فمن طعن في الصحابة فقد طعن في نفس دينه فيجب سد الباب جملة واحدة لا سيما الخوض في أمر معاوية وعمرو بن العاص وأضرابهم ولا ينبغي الاغترار بما نقله بعض الروافض عن أهل البيت من كراهيتهم فإن مثل هذه المسألة منزعها دقيق ولا يحكم فيها إلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فإنه مسألة نزاع بين أولاده وأصحابه. قال الكمال بن أبي شريف: وليس المراد بما شجر بين علي ومعاوية المنازعة في الإمارة كما توهمه بعضهم وإنما المنازعة كانت بسبب تسليم قتلة عثمان رضي اللّه تعالى عنه إلى عشيرته ليقتصوا منهم، لأن عليا رضي اللّه عنه كان رأى أن تأخير تسليمهم أصوب، إذ المبادرة بالقبض عليهم مع كثرة عشائرهم واختلاطهم بالعسكر يؤدي إلى اضطراب أمر الإمامة العامة فإن بعضهم كان عزم على الخروج على الإمام علي وعلى قتله لما نادى يوم الجمل بأن يخرج عنه قتلة عثمان. ورأى معاوية أن المبادرة إلى تسليمهم للاقتصاص منهم أصوب فكل منهما مجتهد مأجور فهذا هو المراد بما شجر بينهم انتهى.

(خاتمة): قال العلماء: ويجب اعتقاد براءة عائشة أم المؤمنين رضي اللّه عنها، قطعا من جميع ما قاله الملحدون في حقها لنزول القرآن العظيم ببراءته في سورة النور وكذلك يجب اعتقاد وجود محبة ذرية نبينا محمد للّه، وإكرامهم واحترامهم وهم الحسن والحسين وأولادهما من فاطمة وغيرها إلى يوم القيامة ونسكت عن المفاضلة بين الحسن والحسين وبين أحد من الصحابة غير من ثبت فيهم النص ونكره كل من آذى شريفا ونهجره ولو كان أعز أصحابنا وفاء بقوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [الشورى: 23] والمودة: هي إثبات الحب لا مجرد الحب هذا مذهبنا سواء ثبت نسب ذلك الشريف أو طعن في نسبه إكراما لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، كما بسطنا الكلام على ذلك في كتاب العهود فراجعه واللّه تعالى أعلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!