الرسالة القشيرية
للشيخ عبد الكريم القشيري
1/54
ثُمَّ صار أمره إِلَى مَا صار ، وقيل: حجم
جنيد الحجام دَاوُد الطائي ، فأعطاه دِينَارًا ، فقيل لَهُ: هَذَا إسراف ، فَقَالَ:
لا عُبَادَة لمن لا مروءة لَهُ.
وَكَانَ يَقُول بالليل: إلهي ، همك عطل عَلَى الهموم الدنيوية وحال بيني وبين
الرقاد.
سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الصوفي ، يَقُول: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يُوسُفَ
، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيد بْن عَمْرو ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حرب
الموصلي ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن زِيَاد الطائي ، قَالَ: قَالَتْ دابة
دَاوُد الطائي لَهُ: أما تشتهى الخبز؟ فَقَالَ: بَيْنَ مضغ الخبز وشرب الفتيت قراءة
خمسين آية.
ولما توفي دَاوُد رآه بَعْض الصالحين فِي المنام وَهُوَ يعدو فَقَالَ لَهُ: مَالِك؟
فَقَالَ: الساعة تخلصت من السجن فاستيقظ الرجل من منامه ، فارتفع الصياح بقول
النَّاس مَات دَاوُد الطائي.
وَقَالَ لَهُ رجل: أوصني ، فَقَالَ: عسكر الْمَوْت ينتظرونك ودخل بَعْضهم عَلَيْهِ
، فرأى جرة ماء انبسطت عَلَيْهَا الشَّمْس ، فَقَالَ لَهُ: ألا تحولها إِلَى الظل ،
فَقَالَ: حِينَ وضعتها لَمْ يكن شمس ، وأنا أستحي أَن يراني اللَّه أمشى لما فِيهِ
حظ نفسي.
ودخل عَلَيْهِ بَعْضهم فجعل ينظر إِلَيْهِ ، فَقَالَ: أما علمت أنهم كَانُوا يكرهون
فضول النظر كَمَا يكرهون فضول الْكَلام.
أَخْبَرَنَا عَن عَبْد اللَّهِ بْن يُوسُفَ الأَصْبَهَانِي ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَي المزكي ، قَالَ: حَدَّثَنَا
قاسم بْن أَحْمَد ، قَالَ: سمعت ميمونا الغزال ، قَالَ: قَالَ أَبُو الرَّبِيع
الواسطي: قُلْت لداود الطائي: أوصني.
قَالَ: صم عَنِ الدنيا ، واجعل فطرك الْمَوْت ، وفر من النَّاس كفرارك من السبع.