الفتوحات المكية

الرسالة القشيرية

للشيخ عبد الكريم القشيري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


1/176

ومن ذَلِكَ الصحو والسكر فالصحو رجوع إِلَى الإحساس بَعْد الغيبة والسكر غيبة بوارد قوي والسكر زيادة عَلَى الغيبة من وجه، وَذَلِكَ أَن صاحب السكر قَدْ يَكُون مبسوطا إِذَا لَمْ يكن مستوفيا فِي سكره، وَقَدْ يسقط أخطار الأشياء عَن قلبه فِي حال سكره، وتلك حال المتساكر الَّذِي لَمْ يستوفه الوارد فيكون للإحساس فِيهِ مساغ وَقَدْ يقوى سكره حَتَّى يَزِيد عَلَى الغيبة، فربما يَكُون صاحب السكر أشد غيبة من صاحب الغيبة إِذَا قوى سكره، وربما يَكُون صاحب الغيبة أتم فِي الغيبة من صاحب السكر إِذَا كَانَ متساكرا غَيْر مستوف، والغيبة قَدْ تكون للعبادة بِمَا يغلب عَلَى قلوبهم من موجب الرغبة والرهبة ومقتضيات الخوف والرجاء، والسكر لا يَكُون إلا لأَصْحَاب المواجد، فَإِذَا كوشف العبد بنعت الجمال حصل السكر، وطالب الروح، وهام القلب وَفِي معناه أنشدوا:
فضحوك من لفظي هُوَ الوصل كُلهُ ... وسكرك من لحظي يبيح لَك الشرابا
فَمَا مل ساقيها وَمَا مل شارب ... عقار لحاظ كأسه يسكر اللبا
وأنشدوا:
فاسكر الْقَوْم دور كأس ... وَكَانَ سكري من المدير
وأنشدوا:
لي سكرتان وللندمان واحدة ... شَيْء خصصت بِهِ من بينهم وحدي
وأنشدوا:


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!