الفتوحات المكية

الرسالة القشيرية

للشيخ عبد الكريم القشيري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


1/155

فالواجب فِي هَذَا أَن يقال: إِن من أشار إِلَى بقاء الأحوال فصحيح مَا قَالَ فَقَدْ يصير المعني شربا لأحد فيري بِهِ ولكن لصاحب هذه الحال أحوال هِيَ طوارق لا تدوم فَوْقَ أحواله الَّتِي صارت شربا لَهُ فاذا دامت هذه الطوارق هل كَمَا دامت الأحوال المتقدمة ارتقى إِلَى أحوال أخر فَوْقَ هذه وألطف من هذه فأبدا يَكُون فِي الترقي.
سمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق رحمه اللَّه يَقُول فِي معني قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنه ليغان عَلَى قلبي حَتَّى أستغفر اللَّه تَعَالَى فِي اليوم سبعين مرة أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبدا فِي الترقي من أحواله فَإِذَا ارتقي من حالة إِلَى حالة أعلى مِمَّا كَانَ فِيهَا فربما حصل لَهُ ملاحظة إِلَى مَا ارتقي عَنْهَا فكان بعدها غينا بالإضافة إِلَى مَا حصل فِيهَا فابدا كانت أحواله فِي التزايد ومقدورات الحق سبحانه من الألطاف لا نهاية لَهَا فَإِذَا كَانَ حق الحق تَعَالَى العز، وَكَانَ الوصول إِلَيْهِ بالتحقيق محالا فالعبد أبدا فِي ارتقاء أحواله فلا معنى يوصل إِلَيْهِ إلا وَفِي مقدوره سبحانه مَا هُوَ فوقه يقدر أَن يوصله إِلَيْهِ وعلى هَذَا يحمل قولهم: حسنات الأبرار سيئات المقربين وسئل الجنيد عَن هَذَا فأنشد:
طوارق أنوار تلوح إِذَا بدت ... فتظهر كتمانا وتخبر عَن جمع


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!