الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


أقوال حسان في الحنين إلى الأوطان

فمن ذلك: الكريم يحنّ إلى أحبابه كما يحنّ الأسد إلى غابه. أرض الرجل ظئره وداره مهده. و الغريب النائي عن بلده المتنحي عن أهله كالثور النادّ عن وطنه، الذي هو لكل سبع فريسة ولكل رام قنيصة. وقد قيل:

إذا م ذكرت الصغر فاضت مدامعي وأضحى فؤادي نهبة للهماهم

حنينا إلى الأرض الذي اخضرّ شاربي وحلت بها عني عقود تمائمي

وألطف قوم بالفتى أهل أرضه وأرعاهم للمرء حق التقادم

وقد قيل:

يقرّ لعيني أن أرى من مكانه ذرى عطفات الأجرع المتعاقد

وإن أرد الماء الذي عن شماله طروقا وقد ملّ السرى كل واحد

وألصق أحشائي ببرد ترابه وإن كان مخلوطا بسمّ الأساود

ومن قول أبي العباس بن الأحنف فيمن ظفر وعفّ:

تأذنون لصبّ في زيارتكم فعندكم شهوات السمع والبصر

لا يضمر السوء إن طال الجلوس به عفّ الضمير ولكن فاسق النظر

وأنشدني في هذا الباب أبو عبد الله القسطنطيني المذكر وعزاه للعباداني:

الحمد لله على أنني قد تبت إلا من وجوه ملاح

ما بقيت فيّ سوى نظرة فاسقة باطنها من صلاح

وأنشدني قاسم بن مرتين لبعضهم:

وم يستوي الصّابي ومن ترك الصبا وإن الصبا للعيش لو لا العواقب

وللرب مني جانب لا أضيعه وللهو مني والبطالة جانب

وأنشدني علي بن طاب الريح القبائلي:

أحبك حب لا أعنّف بعده محبا ولكني إذا ليم عاذره

أحبك يا سلمى على غير ريبة ولا بأس في حب تعف سرائره

أنشدت هذين البيتين لمن كان لي بها غرام، فلما سمعت قولي: أحبك يا سلمى على غير ريبة، قال: إن كنت تقدر سرعة من غير بطء.

وأنشدني علي بن جابر في مجلسه:

تفنى اللذاذة ممن نال صفتها من الحرام ويبقى الإثم والعار

تبقى عواقب سوء في مغبّتها لا خير في لذة من بعدها النار

ومن هذا الباب ما تمثل به عبد الله بن الحسن الذي وصله السفّاح لما ولي الخلافة بألفي ألف:

أنس غرائر ما هممن بريبة كظباء مكة صيدهنّ حرام

يحسبن من طيب الكلام زوانيا ويصدّهن عن الخنا الإسلام


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!