الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


أحسن م قيل في المرحاض وهو مما يلحق بهذا الباب

كن بإشبيلية في تربة أبي القاسم بن وافد، ومعنا أبو بكر بن حجاج الشاعر، والنقّاش ينقش باب المرحاض من التربة، فقلت لابن حجاج: يا أبا بكر، لو علمت شيئا ينقشه النقاش على باب هذا المرحاض. فارتجل على البديهة يقول على لسان حال المرحاض:

أنا سيّد الدار يا سيدي على أن حقي لا ينكر

أعرف للناس أقدارهم ويأبون إلا بأن يفخرو

فمن قال عني مستقذر فلولاه ما كنت أستقذر

وليس على ذكري من الأبيات إلا ما ذكرنا وجملتها ستة أبيات.

ولنا في النحول من باب النسيب:

صيّرني حبك معقولا بحكمه وكنت محسوسا

لطفت حتى لا يراني الهوى فلم يجد عندي تعريس

فقلت لم نفسك أنت الذي ألبستني الضرّاء والبوسا

حتى تحيرت وحيرتني بيس الذي فعلته بيس

أفنيتني عنك وعني فلم تجد مقيلا فيه تنفيسا

قد كنت ليثا كاسرا نابه وكانت أحشاي لكم خيس

جار الهوى واعتلّ في نفسه فهل سمعتم بالهوى بوسا

فأين جالينوس يأسوه أو محيي العبدّا بيننا عيسى

ولنا في اتحاد المحب في الهوى:

إن الهوى ما أنا للحب حامله والحكم للحبّ في الأشخاص ليس لنا

مثل الصفات لدى قوم أشاعرة فلا الهوى هو غيري لا ولا هو أن

إن الهوى وأنا بالعين متحد فإن أمت فيه وجدا أو أعش فبن

لو لا الجمال الذي بالحب كلّفنا لم يهلك الوجد قلب الصبّ والبدن

إن النظام لتدري ما أفوه به وقد أشرت إليها مرة بمنى

ولنا في معاتبة القلب والبصر:

تقول عيني لقلبي إن فكرك قد رمى الجفون بدمع الوجد والسهر

فقال قلبي لطرفي لا تقول كذا بل أنت عرّضتني للفكر بالنظر

لو لا الجمال الذي ألقت نواظركم هواه في خلدي لم نبل بالفكر

فالعتب للقلب جور من معاتبة وإنما العتب في التحقيق للبصر

وها أنا حكم بالعدل بينهما لعلمنا بالذي فيه من الخبر

ولنا من باب منازلات الحب:

لم تحكّم عين الشمس في بصري تمكن الحبّ بالسلطان في خلدي

وأنزل الجند في نفسي منازلهم كالموجد والشوق والتبريح والكمد

فعند ما أخذوا مني منازلهم ناديت من لهب الأشواق في كبدي

الحبّ أرّقني والحبّ أقلقني والحب يقتلني ظلما وليس يدي

والحب حمّلني ما لست أحمله حتى بقيت له روحا بلا جسد

ولنا من باب القلب والبصر:

زعمت ي أيها المفتون بالحور إن الفؤاد له دعوى على البصر

لا ترى القلب محصورا بقلعته وقد أحاطت به من عسكر الفكر

فقلت يحضر خصم القلب أن له عليه دعوى من أجل الدمع والسهر

فعند ما حضرا في الحين قام لنا عند الشهود بأن الذنب للنظر

ولبعضهم في باب النسيب:

أقول لأصحابي وقد طلبوا الصّلى ألا فاصطلوا إن خفتم القرّ من صدري

فإن لهيب النار بين جوانحي إذا ذكرت ليلى أحرّ من الهجر

فقالوا نريد الماء نسقي ونستقي فقلت تعالوا فاستقوا الماء من نهري

فقالوا أين النهر قلت مدامعي سيغنيكم فيض الدموع عن الحفر

فقالوا ولم هذا فقلت من الهوى فقالوا لحاك الله قلت اسمعوا عذري

ولابن المعتز:

يا سائق الذود ردهنّه ومن دموعي فروّهنّه

و اقتدح النار من فؤادي فإنها فيه مستكنّه

ولغيره:

يا قادح النار بالزناد وطالب الجمر في الرّماد

دع عنك شكا وخذ يقينا واقتدح النار من فؤادي


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!