الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


كتاب حكيم إلى حكيم

روينا من حديث الدينوري، عن محمد بن إسحاق، نبأ هارون بن معروف قال:

كتب حكيم إلى حكيم:

أما بعد، فقد أصبحنا وبنا من نعم الله ما لا نحصيه، ولا ندري أيهما أشكر: أشكر جميل م ينشر؟ أم قبيح ما يستر؟ وحدثنيه أيضا عن محمد بن يونس، عن الأصمعي قال: قيل لمحمد بن واسع:

كيف أصبحت؟ قال: أصبحت موفورا بالنّعم، وربنا يتحبب إلينا وهو غني عنّا، ونتبغّض إليه بالمعاصي ونحن إليه فقراء.

ألا لو سمعت البدر بن المختار يقول، وقد رأى عليّ ثوبا أحمر: الحمرة أجمل، والخضرة أنبل، والسواد أهول، والبياض أفضل.

حدثن يونس بن يحيى، نبأ محمد بن عمرو بن يوسف، نبأ أبو بكر بن ثابت، عن أحمد بن محمد بن إبراهيم، عن أبي عصمة محمد بن أحمد بن عباد العبادي، عن أبي علي الحسين بن محمد بن مصعب، عن محمد بن عبد الله الواسطي، عن العلاء بن عبد

الجبار، عن نافع بن الجمحي قال: قالت أم محمد بن المنكدر لابنها: يا بنيّ، إني أشتهي أن أراك نائما.

قال: ي أمه، إن الليل لمهجم عليّ فيهولني، فيدركني الصبح ولم أقض منه وطري.

حدثن محمد بن محمد، عن هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم، قال:

أنشدني عبد الكريم بن هوازن القشيري إملاء لنفسه:

المرء من هذّب أحواله وكان عن دعواه أقواله

تصاغر الإنسان في نفسه أوفى لمعناه وأقوى له

وإن من يحمد أفعاله أخاف أن ترجع أفعى له

وبه قال: أنشدني القشيريّ لنفسه:

يا نسيم الشمال بلّغ خطابي واشف مني الجوى بحمل الجواب

طف بساحات ذلك الربع واحمل ذرّة من تراب ذاك الباب

واهدها من متيّم مستهام دائم الكرب ذائب الأتراب

قل لمولاي والذي ملء نفسي والذي فيه ذلّتي وانتحابي

كنت أخشى الوشاة فيك ولكن جفوة الحب لم تكن في حسابي

روينا من حديث ابن مروان قال: حدثنا علي بن الحسن، حدثني أبي، قال: جاء أعرابي إلى ابن طاهر وهو راكب فأنشده:

سألت عن المكارم أين صارت فكل الناس أرشدني إليكا

فجد لي يا ابن طاهر أن فعلي سيثني بالذي تولى عليك

فقال له: كم ثمن هذين البيتين؟ قال: ألفا درهم. قال: لقد أرخصت يا غلام، أعطه أربعة آلاف درهم، ثم أنشد:

صدقت ظني و ظن الناس كلهم فأنت أكرمهم نفسا وأجدادا

لا زلت في روضة خضراء واسعة فأنت أخضرها روضا وأعواد

فقال: يا غلام، أعطه أربعة آلاف أخرى. فقال:

لو كان قولي بهذا الشعر مستمعا لكنت أحوى خراج الشرق والغرب

أنت الكريم الذي يعطي بلا نكد وأنت تحيي الفتى قد مات من جدب

فقال ابن طاهر للغلام: أعطه أربعة آلاف درهم أخرى. فلما قبضها قال: أيها الأمير، فملّني شعر، ولم يضق صدرك.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!