الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومن حسن الخطاب

ما قال أبو وجرة الأسلمي حين قدم على المهلب أبي صفرة: أصلح الله الأمير، إني قطعت إليك الدهناء، وضربت إليك آباط الإبل من يثرب. قال له المهلب: فهل أتيتنا بوسيلة أو عشيرة أو قرابة؟ قال: لا، ولكني رأيتك لحاجتي أهلا، فإن قمت بها فأنت أهل لذلك، و إن يحل دونها حائل لم أذمم يومك ولم أيأس من غدك.

قال المهلب: يعطى ما في بيت المال، فوجد فيه مائة ألف درهم، فدفعت إليه، فأخذها وقال:

يا من على الجود صاغ الله راحته فليس يحسن غير البذل والجود

عمّت عطاياك من بالشرق قاطبة فأنت والجود منحوتان من عود

وفي هذا المجرى قوله:

تشبّ لمقرورين يصطليانها وبات على النار الندى والمحلق

رضيعيّ لبان ثدي أم تحالفا بأسجم داج عوض لا يتفرق

روينا من حديث عمرو قال: دخل أبو علقمة النحوي على أعين الطبيب، وكان يستعمل الحواشي من الكلام، فقال له: إني أجد معمعة في قلبي، وقرقرة في بطني، فقال له الطبيب: أما المعمعة فلا أعرفها، وأما القرقرة فهي ضراط غير نضيج.

وروين من حديثه قال: قال كعب القيسي لعروة بن الزبير: أذنبت ذنبا للوليد بن عبد الملك، فاكتب إليه: لو لم يكن لكعب من قديم حرمة ما يغفر له عظيم جريرته، لوجب أن ل تحرمه التفيؤ بظل عفوك الذي تأمله القلوب ولا تتعلق به الذنوب، وقد استشفع بي إليك فوثقت له منك بعفو لا يخلطه سخط، فحقق أمله فيّ وصدق نفسي فيك، تجد الشكر وافيا بالنعمة.

فكتب الوليد: قد شكرت رغبته إليك، وعفوت عنه لمعموله عليك، وله عندي ما يحب، فلا تقطع كتبك عني في أمثاله في سائر أمورك.

روينا من حديث أبي ودعان، قال: نبأ علي بن محمد، عن علي بن القاسم، عن إسماعيل بن محمد، عن عبد الله بن روح، عن شبابة، عن بزرجر، عن القاسم بن

عبد الرحمن، قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما أنتم خلف ماضين، وبقية متقدّمين، كانوا أكثر منكم بسطة، و أعظم سطوة، أزعجوا عنها أسكن ما كانوا إليها، وغدرت بهم أوثق ما كانوا بها، فلم تغن عنهم قوة عشيرة، ولا قبل منهم بدل فدية، فارحلوا أنفسكم بزاد مبلغ قبل أن تؤخذوا على فجأة، وقد غفلتم عن الاستعداد، ولا يغني الندم، وقد جفّ القلم» .

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!