الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومن باب من عمل من حيث العبودية

حدثن عبد الواحد بن إسماعيل، نبأ عمر بن عبد المجيد، قال: أبو الحسن بن شمعون الواعظ قال: وصف لي رجل من العباد فسرت إليه، فرأيت من فضله ما ملأ عيني وسمعي وقلبي، فبتّ متعجبا من أمره، فرأيت في النوم كأن القيامة قد قامت، وكأن الناس يحاسبون، فيؤمر بقوم إلى الجنة وبقوم إلى النار، فنودي بالشيخ فأمر به إلى النار. فرأيت ذلك ثلاث ليال متوالية، فعرّفت الشيخ بذلك، فقلت له: خفّف يرحمك الله من تعبك، و اقصر من تعبّدك. فنظر إليّ وقال لي: يا ابن شمعون، هذا وأنت واعظ العارفين، تأمرني أن أخفف من خدمة مولاي لما رأيت أني من أهل النار. إنما أنا عبد من جملة عبيده إن شاء نعّمني وإن شاء عذّبني. أمرني فامتثلت، ونهاني فانتهيت، فأمري بعد ذلك مصروف إليه.

فانصرفت من عنده، وقد عظم تعجّبي من أمره. فلما كان الليل رأيت المنام بعينه، فنودي بالشيخ وبين عينيه مكتوب بالنور يَمْحُوا اَلله ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ اَلْكِتابِ ثم أمر به إلى الجنة. فبكرت إلى الشيخ مبشّرا له، فقال: يا ابن شمعون، إنما أدّبت بما رأيت لتعلم أن لله عبيدا ل يقطعهم عن خدمته عذاب ولا نعيم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!