الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ذكر الخلفاء وتاريخ مدتهم خاصة

فأولهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكان اسمه قبل الإسلام عبد رب الكعبة فسمّاه عليه الصلاة والسلام عبد الله، وقال له عليه السلام: «أنت عتيق من النار» ، فكان يدعى عتيقا، وقيل: سمّي عتيقا لجماله، كان يملك أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه يوم أسلم أربعين ألف درهم، وأسلم على يده من العشرة سيدنا عثمان وطلحة والزبير و سعد وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم.

ولم تولى الخلافة أصبح غاديا إلى السوق وعلى رقبته أثواب يتجر بها، فلقيه عمر وأبو عبيدة، فقالا: أين تريد؟ قال: السوق، قالا: ما تصنع وقد ولّيت أمر المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ قال: ففرضوا له كل يوم شطر شاة، وكسوة في الرأس والبطن، و كان أبو بكر يحلب للحي أغنامهم، فلما بويع قالت جارية من الحي: الآن لا يحلب لنا، فقال: بلى، لأحلبنها لكم، وأرجو أن لا يغيّرني ما دخلت فيه عن خلق كنت فيه.

ولم ولي خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، أيها الناس، قد ولّيت أمركم ولست بخير منكم، وإن أقواكم عندي الضعيف، حتى آخذ له بحقه، وإن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه. أيها الناس، إنما أنا متّبع ولست بمبتدع، فإن أحسنت فأعينوني، وإن زغت فقوّموني.

وقد ذكرنا نسبه، وأمه أمّ الخير سلمى بنت صخر بن عامر، تجتمع مع زوجها في عامر، وهو ابن أبي قحافة، بويع في اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الثاني عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشرة، وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر و ثلاثة عشر يوما، ومات ليلة الثلاثاء، وقيل: يوم الجمعة لسبع بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة،

وهو ابن ثلاث وستين سنة، وبويع في سقيفة بني ساعدة بن الخزرج، وكان أول من بايعه بشير بن سعد الأنصاري، ثم عمر بن الخطاب، ثم أبو عبيدة بن الجراح، ثم سعد بن عبادة، ثم المهاجرون والأنصار، ولم نودع في كتابن هذا ما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم خوفا على النفوس الضعيفة، ولا مثلبة من مثالب أحد، والحمد لله على ذلك.

وخاتمه خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكاتبه عثمان بن عفان، وحاجبه مولاه شديد، وقاضيه عمر بن الخطاب.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!