الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومن باب من دعا ربه في حياة قلبه

م رويناه من حديث ابن باكويه، عن أحمد بن عطاء، عن الحسن بن أحمد، قال:

قال المأمون: قال إبراهيم بن أدهم: قال لي أبو عباد الرملي: حضرت عرفات، فوقفت أدعو فإذا أنا بفتى قد أقبل فقال: أقوام يصلون إلى هذا الموضع يكون فيهم من الفضل م يسألون الله عز وجل الحوائج، إلا جعلوا حوائجهم في حياة قلوبهم؟ ثم قال لي: أنت أبو عباد الذي تركت الشهوات منذ ثلاثين سنة، فعند تركك أفدت فائدة، فبكيت وقلت: ما أرى، فقال: هيهات أبى الله أن يجعل ذخائره لمن الدنيا والآخرة في قلبه.

أنشدن علي بن عمرو الكاتب بقرطبة قال: أنشدني أبو القاسم بن بشكوال المحدّث لأبي وهب عبد الرحمن بن الفاضل، وقبره بقرطبة مثل قبر معروف ببغداد، في إجابة الدعاء عنده:

برئت من المنازل والقباب قلم يعسر على أحد حجابي

فمنزلي الفضاء وسقف بيتي سماء الله أو قطع السحاب

فأنت إذا أردت دخلت بيتي عليّ مسلّما من غير باب

لأني لم أجد مصراع باب يكون من السماء إلى التراب

ولا انشق الثرى عن عود نحت أؤمل أن أشد به ثيابي

ولا خفت الإباق على عبيدي ولا خفت الرهاص على دوابي

ولا حاسبت يوما قهرمانا فأخشى أن أغلّب في الحساب

ففي ذا راحة وبلاغ عيش فدأب الدهر ذا أبدا ودأبي

حدثنا عبد الرحمن بن علي، نبأ أبو غالب محمد بن الحسين الماوردي، انا أبو علي، نب عبد الله بن محمد، نبأ أبو إسحاق الهجمي، نبأ محمد بن زكريا الغلابي، نبأ إبراهيم بن عمر قال: خرج أبو نواس في أيام العشر يريد شراء أضحية، فلما صار في المربد إذ هو بأعرابي قد أدخل شاة له يقدمها كبش فاره، فقال: لأجرّبنّ هذا الأعرابي، فأنظر ما عنده، فإنه أظنه عاقلا، فقال أبو نواس:

أيا صاحب الشاة الذي قد يسوقها بكم ذاكم الكبش الذي قد تقدّما

فقال الأعرابي:

أبيعكه إن كنت ممن تريده ولم تك مزّاحا بعشرين درهما

فقال أبو نواس:

أجدت رعاك الله ردّ جوابنا فأحسن إلينا إن أردت التكرّما

فقال الأعرابي:

أحطّ من العشرين خمسا فإنني أراك ظريفا فاقتضيه مسلّما

قال: فدفع إليه خمسة عشر درهما، وأخذ كبشا يساوي ثلاثين درهما.

حدثن محمد بن محمد بن محمد، نبأ أبو القاسم الحريري، انا أبو بكر محمد بن علي المقري، انا ابن دوست العلاّف، نبأ صفوان، عن عبد الله بن صفوان القرشي، عن أبي الحسن الأزدي، قال: وجدت على قبر بشاطئ الفرات مكتوبا:

يا عجب للأرض ما تشبع وكل حيّ فوقها يهجع

ابتلعت عادا فأفنتهم وبعد عاد هلكت تبّع

وقوم نوح أدخلت بطنها فظهرها من جمعهم بلقع

يا أيها الراجي لما قد مضى هل لك فيما قد مضى مطمع

وحدثنا يوسف بن مالك، نبأ ابن جهور، نبأ أبو القاسم الحريري، عن محمد بن علي بن دوست، عن ابن صفوان، عن محمد بن الحسين، عن أبي عمر العمري، عن

عبد الله بن صدقة بن مرداس البكري، عن أبيه قال: نظرت إلى ثلاث قبور على شرف من الأرض، فإذا على أحدهم مكتوب بنقش عجيب الصنع:

وكيف يلذ العيش من هو عالم بأن إله العرش لا بدّ سائله

فيأخذ منه ظلمة لعباده ويجزيه بالخير الذي هو فاعله

وعلى الثاني مكتوب:

وكيف يلذّ العيش من كان موقنا بأن المنايا بغتة ستؤاجله

فتسلبه ملكا عظيما ونخوة وتسلبه البيت الذي هو آهله

وعلى الثالث مكتوب:

وكيف يلذ العيش من كان صائرا إلى حدث تبلى الشباب مناهله

ويذهب رسم الوجه من بعد صونه ويبلى سريعا جسمه ومفاصله


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!