الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وأما شمويل عليه السلام

فقد زرته على أميال من بيت المقدس، وهو شمويل بن يالا، ويقال: ابن هلقيا، وهو بالعربية اسم إسماعيل.

فكان بنو إسرائيل، لما طال عليهم البلاء، وملكتهم العمالقة، وضربت عليهم الجزية، وكان ملكهم طالوت، وكانوا يسألون الله تعالى أن يبعث لهم نبيا يقاتلون معه، ولم يكن بقي من سبط النبوة إلا امرأة حبلى، اسمها حنا، وكانت تدعو أن يرزقها الله

النبوة، على ما قيل، وكانت عاقرا، فسألت الله تعالى أن يرزقها ولدا، فولدت شمويل، فسمته سمعون، وهو فعلون، من سمع الله دعائي، والسين في لغتهم شين، وهو من ولد فاهث بن لاوي بن لاوي بن يعقوب، فلما بلغ عشرين سنة ولاّه داود النبي عليه السلام.

فلم أكمل شمويل أربعين سنة، بعثه الله نبيا، وبعث لهم طالوت ملكا، ولم يكن من سبط الملك، فأبوه، وكانت آيته أن أتاهم التابوت الذي انتزع منهم، تحمله الملائكة نهارا، حتى وضع بين أيديهم عند طالوت. هذا مرويّ عن ابن عباس رضي الله عنهما. فآمنوا حينئذ بنبوة شمويل، وبملك طالوت.

وكان في التابوت، على ما زعم السديّ، طست من ذهب، كان يغسل فيه قلوب الأنبياء، ورضراض الألواح، وعصا موسى عليه السلام.

وخرج طالوت لقتال جالوت، كما ذكرناه في هذا الكتاب. ولما قتل داود جالوت، زوّجه طالوت ابنته، ثم بعد ذلك حبسه، وأراد أن يقتله، فهرب منه داود، فندم طالوت على ما همّ به من قتل داود، وتاب إلى الله تعالى. وقال طالوت: من توبتي أن أنخلع من ملكي، و أقاتل في سبيل الله، أنا وبنيّ حتى أموت. فخرج عن ملكه، وأخرج معه بنيه، وهم ثلاثة عشر، فقاتلوا في سبيل الله حتى قتلوا كلهم. وورّث الله داود ملك طالوت و نبوة شمويل، وهو قوله تعالى: وآتاهُ اَلله اَلْمُلْكَ ، يعني ملك طالوت، واَلْحِكْمَةَ : نبوة شمويل.

وتاريخ مدة ملك طالوت، فيما حكى ابن جرير الطبري، على زعم أهل التوراة:

أربعون سنة.

وأم شمويل، فعاش اثنين وخمسين سنة، دبّر أمر بني إسرائيل منها إحدى عشرة سنة.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!