الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


623.  – نعيم

في اللغة:

“ النون والعين والميم فروعه كثيرة، وعندنا انها على كثرتها، راجعة إلى أصل واحد يدل على: ترفّه وطيب عيش وصلاح. .. “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ نعم “ ).

في القرآن:

لقد ورد النعيم في القرآن مصاحبا: “ للجنة “، ومرادفا لها، في مقابل:

الجحيم.

قال تعالى: ” تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ “[ 10 / 9 ]

قال تعالى: ” إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ “[ 83 / 22 ]

قال تعالى: ” إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ “[ 82 / 13 ]

عند ابن العربي:

لم يستعمل ابن العربي كلمتي “ نعيم “ و “ جنة “ 1 على الترادف، وعلى الرغم من أن الجنة هي: “ موطن نعيم خالص “، الا انها لا تحدّه باسوارها ولا تحصره في منازلها.

فالنعيم يتسرب في كل العوالم وله وجه في كل “ موافق للمزاج “ 2.

يقول ابن العربي:

“ فليس النعيم الا الملايم، وليس العذاب الا غير الملايم، كان ما كان، فكن حيث كنت إذا لم يصبك الا ما يلايمك فأنت في: نعيم، وإذا لم يصبك الا ما ل يلايم مزاجك فأنت في: عذاب.

حبّبت المواطن إلى أهلها، وأهل النار الذين هم أهلها هي موطنهم ومنه خلقوا وإليها رجعوا. .. فلذة الموطن ذاتية لأهل الموطن. .. “ ( ف 4 / 15 )

وبعدما حدد الشيخ الأكبر النعيم: “ بالملايم “، حلّ الاشكال الذي تطرحه فكرة: الرحمة التي وسعت كل شيء، إذ كيف يكون المال إلى الرحمة مع خلود أهل النار في النار ؟

يرى ابن العربي انه بعد انتهاء إقامة الحدود على أهل النار، تعمهم الرحمن وتسري في نارهم فتصبح كنار إبراهيم عليه السلام، اي تتحول بردا وسلاما على أهلها فيتنعمون بها.

اذن أهل النار في نعيم دون ان يفارقوها.

يقول ابن العربي:

“ واما أهل النار فمآلهم إلى النعيم. ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتها مدة العقاب، [ من ] أن تكون بردا وسلاما على من فيها.

وهذا: نعيمهم فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق 3: نعيم خليل اللّه حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر، من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. .. “ ( فصوص 1 / 169 - 170 ).

“ ان أهل النار بعد ان يعذبوا تدركهم الرحمة، وتسري إليهم حقيقة الاسم الرحيم، فتصير النار: نعيما، يتنعمون فيها كنعيم أصحاب الجنة، حتى أن هؤلاء المتنعمين بالنار لو ادخلوا الجنة لتألموا بذلك “

( وسائل السائل ص 12 - 13 ).

“. .. ثم [ بعد انتهاء إقامة الحدود ] تعمّ المنن والرضى الإلهي على الجميع في اي منزل كانوا، فان النعيم ليس سوى ما يقبله المزاج، وغرض النفوس، ل اثر للأمكنة في ذلك. فحيثما وجد ملايمة طبع ونيل الغرض كان ذلك: نعيما لصاحبه. .. “ ( ف 3 / 387 ).

وهكذا يحدد الحاتمي النعيم: بالملائم للطبع، لا كما ينقل عنه البعض من أنه: القرب 4. فالنعيم ليس قربا، وان كان للقرب نعيم.

فالقرب ملائم لطبع أهل الجنة، ولذلك يكون القرب في حق بعضهم: نعيما.

اما القرب الإلهي من الانسان فهو مصاحب للانسان في كل أحواله دن وآخرة، ولا علاقة للنعيم به. فليس في القرب الإلهي: اختصاص.

يقول ابن العربي:

“ جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه [ انظر “ جهنم “ ] فلما ساقهم إلى

ذلك الموطن حصلوا في عين القرب، فزال البعد، فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا “ بنعيم القرب “ من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون. .. فما مشوا بنفوسهم وانم مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.

قال تعالى: ” وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ ل تُبْصِرُونَ “[ 56 / 85 ]. ..

قال تعالى :” وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ “[ 50 / 16 ] وما خص انسانا من انسان.

فالقرب الإلهي من العبد لاخفاء به في الاخبار الإلهي. .. “ ( فصوص 1 / 107 - 108 ).

..........................................................................................

( 1 ) راجع “ جنة “

( 2 ) ان النعيم في الدنيا والآخرة، انظر الفتوحات ج 4 ص ص 124 - 125

( 3 ) في أغلب الظن ان ابن العربي يقرر نعيما وعذابا ( راجع عذاب ) حسيا في منزلي الآخرة.

ولكن بعد استيفاء الحقوق ينقلب الجميع إلى الرحمة، وينتقل الخلق من نعيم وعذاب حسي إلى نعيم عقلي. ولذلك كل ما يوحي بالحس والحسية هو قبل استيفاء الحقوق. يقول:

“ فالعالم كله في نعيم، من كان منه في الجنة ومن كان منه في الجحيم، نعيما علميا وسرورا عقليا لا حسيا “ ( تاج الرسائل ورقة 42 ب ).

( 4 ) راجع فصوص الحكم ج 2 ص ص 123 - 124.

****


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!