الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


534.  – القبض

في اللغة:

“ قبض: القبض: خلاف البسط: قبضه يقبضه قبضا وقبّضه، والانقباض: خلاف الانبساط. .. وتقبّضت الجلدة في النار اي انزوت.

وفي أسماء اللّه تعالى: القابض، هو الذي يمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العباد بلطفه وحكمته ويقبض الأرواح عند الممات.

وفي الحديث: يقبض اللّه الأرض ويقبض السماء اي يجمعها. .. والقبض: الانقباض، وأصله في جناح الطائر ،

قال اللّه تعالى :” وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ “[ 67 / 19 ].

وقبض الطائر جناحه. جمعه. ...

وقوله تعالى :” وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ.. . “ [ 9 / 67 ] ،” وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ “[ 2 / 245 ] اي يضيق على قوم ويوسع على قوم.

والقبضة: ما أخذت بجمع كفك كله، فإذا كان بأصابعك فهي القبصة، بالصاد. .. وفي التنزيل :” فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ “[ 20 / 96 ].

وصار الشيء في قبضي وقبضتي اي في ملكي.

وقوله عز وجل :” وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ “[ 39 / 67 ].

قال ثعلب: هذا

كما تقول هذه الدار في قبضتي ويدي اي في ملكي “ ( لسان العرب مادة “ قبض “ ).

في القرآن:

انظر “ في اللغة “

عند ابن العربي:

“ القبض “ و “ البسط “ حالان للانسان بعد ترقيه عن “ الخوف والرجاء “، وقبل تحققه “ بالهيبة والانس “ 1.

يتميز القبض والبسط انهما يتعلقان في وقتهما بحسب الوارد، على حين ان الخوف والرجاء لهما تعلق بالمستقبل 2.

ويرى ابن العربي ان “ البسط “ من المقامات التي يتصف الانسان بها في الدنيا والآخرة.

اما القبض فيلازم الانسان إلى أول قدم يضعه في الجنة، ويزول عنه. وبديهي ان “ البسط “ يلازم الانسان في الجنة من اثر واردات الجمال.

اما “ القبض “ فلا معنى له في دار النعيم الا انه يستبدل من مشاهدة الجلال، بالهيبة

.

يقول ابن العربي:

( 1 )” كان الرجاء يشاهد إجلالا *** من كان من خوف شاهد الافضالا

فانظر إلى قبض وبسط فيهما *** يعطيك ذا صدّا وذاك وصالا 3

اللّه قد جلىّ لذا إجلاله *** ولذاك جلىّ من سناه جمالا “

( ف السفر الأول فق 560 ).

“ العارف يجد قبضا وبسطا - في حال من الأحوال - لا يعرف سببه، وهو امر خطير عند أهل الطريق. فيعلم ان ذلك لغفلة منه عن مراقبة قلبه في ارادته 4، وقلة نفوذ بصيرته في مناسبة حاله مع الامر الذي أورثه تلك الصفة “ ( ف السفر الخامس - فق 442 ).

“ ثم لتعلم ان هؤلاء البهاليل. .. منهم المسرور ومنهم المحزون.

وهم في ذلك بحسب الوارد الذي ذهب بعقولهم. فإن كان وارد قهر قبضهم. ..

وان كان وارد لطف بسطهم “ ( ف، السفر الرابع فق 110 ).

( 2 ) “. .. المقامات منها ما يتصف به الانسان في الدنيا والآخرة: كالمشاهدة والجلال والجمال والأنس والهيبة والبسط. ومنها ما يتصف به العبد إلى حين موته، إلى القيامة، إلى أول قدم يضعه في الجنة، ويزول عنه: كالخوف والقبض والحزن والرجاء. .. “ ( ف السفر الأول فق 98 ).

..........................................................................................

( 1 ) يقول القشيري في رسالته:

“ الهيبة والانس وهما فوق القبض والبسط، فكما ان القبض فوق رتبة الخوف، والبسط فوق منزلة الرجاء، فالهيبة أعلى من القبض والانس أتم من البسط “ ( الرسالة القشيرية ص 33 ).

ويقول الجرجاني في تعريفاته ص 178:

“ القبض والبسط: وهما حالتان بعد ترقي العبد عن حالة الخوف والرجاء، فالقبض للعارف كالخوف للمستأمن “.

( 2 ) يقول القشيري:

“. .. ومن الفصل بين القبض والخوف، والبسط والرجاء. ان الخوف إنما يكون من شيء من المستقبل. .. واما القبض فالمعنى حاصل في الوقت. كذلك البسط. فصاحب الخوف والرجاء تعلق قلبه في حالتيه بآجله، وصاحب القبض والبسط أخيذ وقته بوارد غلب عليه في عاجله. .. “ ( الرسالة ص ص 32 - 33 ).

( 3 ) يقول الجنيد:

“ الخوف من اللّه يقبضني، والرجاء منه يبسطني، والحقيقة تجمعني، والحق يفرقني. إذا قبضني بالخوف أفناني عني، وإذا بسطني بالرجاء ردني عليّ، فإذا جمعني بالحقيقة احضرني، وإذا فرّقني بالحق اشهدني غيري فغطاني عنه.

فهو تعالى في ذلك كله محركي غير ممسكي، وموحشي غير مؤنسي.

فانا بحضروي أذوق طعم حضوري. .. “ ( الرسالة القشيرية ص 33 ).

( 4 ) يتكهن الصوفية في موجبات القبض والبسط دون الوصول إلى قطع. يقول القشيري: “ ومن أدنى موجبات القبض ان يرد على قلبه وارد موجبه إشارة إلى كتاب ورمز باستحقاق تأديب، فيحصل في القلب لا محالة قبض.

وقد يكون موجب بعض الواردات إشارة إلى تقريب أو اقبال بنوع لطف وترحيب، فيحصل للقلب بسط.

وفي الجملة قبض كل أحد على حسب بسطه، وبسطه على حسب قبضه. وقد يكون قبض يشكل على صاحبه سببه، يجد في قلبه قبضا لا يدري موجبه ولا سببه، فسبيل صاحب هذ القبض التسليم حتى يمضي ذلك الوقت. .. وقد يكون بسط يرد بغتة. . لا يعرف له سبب يهز صاحبه ويستفزه، فسبيل صاحبه السكون ومراعاة الأدب، فإن في هذا الوقت له خطر عظيم فليحذر صاحبه مكرا خفيا كذا قال بعضهم: فتح علي باب

من البسط فزللت زلة فحجبت عن مقامي. .. وقد عدّ أهل التحقيق حالتي القبض والبسط من جملة ما استعاذوا منه “ ( الرسالة ص 33 ).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!