الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


514.  – الفرديّة

في اللغة:

“ الفاء والراء والدال أصل صحيح يدل على وحدة. من ذلك الفرد وهو الوتر. .. وظبية فارد: انقطعت عن القطيع. .. وافراد النجوم: الدراري في آفاق السماء. .. “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ فرد “ ) .في القرآن:

لم يفارق الأصل “ فرد “ في القرآن معناه اللغوي السابق .” وَزَكَرِيَّ إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً 1وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ “ ( 21 / 89 ).

” قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى “2 ( 34 / 46 ).

عند ابن العربي:

* أصل اشتقاق اللفظ:

يرى ابن العربي ان لفظ “ فرد “ استحق هذه التسمية لنعت انفرد به عن أمر آخر.

فعمّ انفرد ؟ وبماذا ؟ لقد انفرد عن الشفع بالتشبه بالأحدية.

يشبه الأحدية بأنه مرتبة متميزة في الاعداد، وبأنه الواحد الذي يعطي للاثنين مرتبة الفردية.

ويختلف عن الأحدية، بأنه لا يكون الا بعد ثبوت

الاثنين. ونوضح كلامنا بنصوص ابن العربي.

يقول:

( 1 ) “ ان الفردية لا يعقلها المنصف، الا بتعقل امر آخر عنه انفرد هذ المسمى فردا بنعت لا يكون فيمن انفرد عنه، إذ لو كان فيه ما صح له ان ينفرد به. .. فلا بد من ذلك الذي انفرد عنه ان يكون معقولا وليس الا الشفع، والامر الذي انفرد به الفرد انما هو التشبه بالأحدية. وأول الافراد الثلاثة فالواحد ليس بفرد. .. “ ( ف ج 3 ص 499 ).

( 2 ) “ فان الفرد لا يظهر الا من الثلاثة فصاعدا في كل عدد، لا يصح ان ينقسم 3. .. الفرد يتميز في المراتب مثل الواحد. .. فأول الافراد الثلاثة، ولهذ فردانية اللطيفة الانسانية تخالف وحدانيتها، فان فردانيتها تثبت له بتقدم الاثنين، وهو تسوية البدن، وتوجه الروح الكلي، فظهرت النفس الجزئية، التي هي اللطيفة الانسانية فكانت: فردا. .. “ ( كتاب الألف ص ص 6 - 7 ).

( 3 ) “ جميع النتائج لا تكون الا عن الفردية 4، الا ترى إلى المقدمتين عند المنطقي مركبة من ثلاثة، يتكرر الواحد في المقدمتين، فتظهر أربعة وهي ثلاثة.

ولولا هذا الواحد الذي اعطى الفردية لهذين الاثنين، ما صح نتاج أصلا.

وكذلك الذكر والأنثى لا ينتجان أصلا، ما لم تقم بينهما حركة الجماع، وهي الفردية 5. .. “ ( كتاب الميم والواو والنون ص ص 3 - 4 ).

( 4 ) “ ولما كان الفرد لا يكون الا بعد ثبوت الاثنين، ضعف عن عزّة الوحدانية. .. “ ( كتاب الألف ص 9 ).

***

يجعل ابن العربي الفردية مبدأ وأصل كل نتاج في العالم المحسوس والمعقول.

وهو يرادف بينها وبين التثليث بهذا المعنى.

وقد توسعنا في شرح التثليث بكلام ينطبق حرفيا على الفردية هنا.

فليراجع ؛ ونورد نصوص ابن العربي التي تتعلق بالفردية والتي تثبت كلامنا السابق في التثليث يقول:

( 1 ) “ والثلاثة أول الافراد فظهر التكوين عن الفرد لا عن الواحد. .. “ ( ف 4 / 89 ).

“ فما وجد الخلق الا عن الفردية لا عن الأحدية، لان أحديته لا تقبل الثاني. .. فكان ظهور العالم في العلم الإلهي عن ثلاث حقائق معقولة 6، فسرى ذلك في توالد الكون 7 بعضه عن بعض، لكون الأصل على هذه الصورة “ ( ف 1 / 171 ).

( 2 ) “ ولما أعطت الحقائق ان النتيجة لا تكون الا عن الفردية، والثلاثة أول الافراد. جعل اللّه ايجاد العالم عن: نفسه وارادته وقوله.

والعين واحدة والنسب مختلفة. فقال” إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذ أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ “[ 16 / 40 ]. .. فالتثليث معتبر في الانتاج والعالم نتيجة بلا شك “.

( نقش الفصوص ص 6 ).

“ والانسان الكامل أول في الفردية. ..

قال تعالى:” خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ “[ 23 / 12 ] وهذه أول مرتبة ،

قال تعالى:” ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ “[ 23 / 13 ] هذه ثانية.

قال تعالى:” ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً “[ 23 / 14 ] وهي المرتبة الفردية 8 ولها الجمع. .. “ ( ف 2 / 641 - 642 ).

..........................................................................................

( 1 ) يقول البيضاوي: “(. .. لا تَذَرْنِي فَرْداً )وحيدا بلا ولد يرثني “ ( أنوار التنزيل ج 2 ص 38 ).

وقد فرق ابن العربي بين الفرد والواحد انظر شرحه للآية كتاب الألف ص 9.

( 2 ) يشرح البيضاوي فرادى قائلا: “ ( مثنى وفرادى ) متفرقين اثنين اثنين وواحدا واحدا فان الازدحام يشوش الخاطر ويخلط القول “ ( أنوار التنزيل ج 1 ص 142 ) ولكن نتساءل عن السبب الذي من اجله قدم الحق المثنى على الفرد، وهل يمكن ان يكون الفرد ثلاثة فيستقيم وروده بعد التثنية هنا، ويوافق موقف ابن العربي من الفرد كما نرى فيما يلي.

( 3 ) أول الافراد الثلاثة يتبعها الخمسة فالسبعة فالتسعة فالحادي عشر. .. وهكذا تظهر الفردية في الاعداد وبذلك تشبه الأحدية التي تظهر في الاعداد، من حيث إن الواحد ليس عددا وانما له ظهور في الاعداد.

( 4 ) انظر المعنى “ الثاني “ التالي.

( 5 ) نلاحظ ان الواحد الذي يثلث الثلاثة هو الفرد.

( 6 ) وهي ذات وإرادة وقول.

استنبطها ابن العربي من الآية :” إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذ أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ

لَهُ كُنْ فَيَكُونُ “ *[ 16 / 40 ] انظر تثليث.

( 7 ) ان كل أول سار عند ابن العربي ولما كان التثليث أول منتج فهو يسري في كل انتاج.

( 8 ) يراجع بشأن “ فرد “ عند ابن العربي:

- الاصطلاحات ص 289 ( التفريد )

- كتاب الألف ص 9 ( فردانية الرجل ووحدانية المرأة ).

- رسالة إلى الشيخ الرازي ص 12 ( الفردية الأولى ).

- ف ج 1 ص 168 ( عن الفرد وجد الكون ).

- ف ج 2 ص 69 ( الفردية، هي الثلاثة ) ص 641 ( الأحدية للّه والفردية للانسان ).

- ف ج 4 ص 32 ( التثليث فرد )، ص 158 ( الفردية والأحدية ).

- ف ج 3 ص 172 ( أهل التثليث ربما لحقوا بالموحدين في حضرة الفردانية )، 318 ( الفردية والأحدية )، ص 326 ( الفرد الأول - أول الافراد )، ص 358 ( المفرد العين، المفرد الحكم )، ص 462 ( الثلاثة أول الافراد ).

- فصوص ج 1 ص 115 ( الفردية الثلاثية )، 214 ( حكمة فردية ) 218 ( الفردية الأولى )، 222 ( الفردية ).

ج 2 ص 133 ( الفردية، الأولى )، 322 “ التثليث والفردية - الاعداد الفردية “.

- كتاب الهو ص 186 ( الفرد بلا فردانية )

- رسالة المقنع في ايضاح السهل الممتنع ص 141 ( الفرد - التفريد ).

****


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!