الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


408.  – الصّبر

في اللغة:

“ الصاد والباء والراء أصول ثلاثة:

الأول الجنس.

والثاني: أعالي الشيء

والثالث جنس من الحجارة.

فالأول: الصبر، وهو الحبس، يقال صبرت نفسي على ذلك الامر. اي حبستها. . واما الثاني فقالوا: صبر كلّ شيء: أعلاه. ..

واما الأصل الثالث فالصّبرة من الحجارة: ما اشتد وغلظ، والجمع صبار. .. “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ صبر “ )

في القرآن:

ورد الأصل “ صبر “ في القرآن بالمعنى الأول اللغوي، اي الحبس. وأخذ صيغا مختلفة:

 - صبر، اصطبر، صابر.

قال تعالى: ” وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ “( 31 / 17 ).

قال تعالى: ” وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها “( 20 / 132 ).

قال تعالى: ” يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُو وَرابِطُوا “( 3 / 200 )..

 - صابر، صبّار.

قال تعالى :” إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ “( 38 / 42 ).

قال تعالى :” وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ “( 14 / 5 ).

عند ابن العربي:

تفنن الصوفية قبل ابن العربي في استقراء “ الصبر “، وتعميم ماهيته

على جزئيات السلوك الصوفي. وتوغلوا في تجربة “ صبر “ خلقت ابعاد ودرجات، ظهرت في “ حروف الجر “ التي ربطت ذات “ الصابر “ بموضوع صبره.

فكان: الصبر على - والصبر عن - والصبر في 1..

وضع ابن العربي “ الصبر “ في مجاله المناسب، فجعله من أمهات اعمال الباطن الخمس التي تجمع الخير كله. ويكفي “ الصبر “ شرفا انه من أشد الاعمال على النفس، لأنه يحبسها عما تطلب. . أو يجبرها على مداومة فعل منه تتهرب..

أو يثبتها في مواجهة ما تكره..

يقول ابن العربي:

“ فإن الصبر حبس النفس. وقد حبستها [ العبد ]، بأمري [ بنص القرآن على الصوم ] عما تعطيه حقيقتها من الطعام والشراب “. ( ف، السفر الرابع فق 176 ).

“ واما الخمسة [ الاعمال التي يأخذ المريد بها نفسه في طريق اللّه ] الباطنة فهي الصدق، والتوكل، والصبر، والعزيمة، واليقين، فهذه التسعة [ 4 ظاهرة، السهر، الجوع، العزلة، الصمت + 5 باطنة ] أمهات الخير. تتضمن الخير كله. والطريقة مجموعة فيها. فالزمها حتى تجد الشيخ. .. “ ( ف، السفر الرابع فق 344 ).

..........................................................................................

( 1 ) “ الصبر “ كما ظهر في الكتابات السابقة على ابن العربي:

- اللمع. الطوسي. ص ص 76 - 77:

“ وقد سئل الجنيد عن الصبر فقال: حمل المؤن للّه تعالى حتى تنقض أوقات المكروه.

وقال إبراهيم الخواص رحمه اللّه:

هرب أكثر الخلق من حمل أثقال الصبر فالتجئوا إلى الطلب والأسباب، واعتمدوا عليها كأنها لهم أرباب.

ووقف رجل على الشبلي رحمه اللّه، فقال له: اي صبر أشد على الصابرين

فقال: الصبر في اللّه تعالى

فقال: لا

فقال: الصبر للّه

فقال الرجل: لا

فقال: الصبر مع اللّه

فقال: لا

قال: فغضب الشبلي رحمه اللّه وقال: ويحك فأين ؟

فقال الرجل: الصبر عن اللّه عز وجل، قال: فصرخ الشبلي رحمه اللّه صرخة كاد ان يتلف روحه. ..

.. . وهذا كما سئل القناد، رحمه اللّه، عن الصبر فقال: ملازمة الواجب في الإعراض عن المنهى عنه، والمواظبة على المأمور به، والصابر من يصبر في اللّه، وللّه، ولا يجزع، ولا يتمكن منه الجزع، ويتوقع منه الشكوى.

وكان يتمثل الشبلي - رحمه اللّه - بهذه الأبيات إذا سئل عن الصبر.

عبرات خططن في الخد سطرا *** قد قراها من ليس يحسن يقرا

ان صوت المحب من ألم الشوق *** وخوف الفراق يورث الضرا

صابر الصبر فاستغاث به الصبر *** فصاح المحب بالصبر: صبرا

” - الرسالة القشيرية ص ص 85 - 86:

“ وانشد بعضهم:

صبرت ولم اطلع هواك على صبري *** واختفيت ما بي منك موضع الصبر

مخافة ان يشكو ضميري صبابتي *** إلى دمعتي سرا فتجري ولا أدري

” “. .. وقيل المصابرة هي الصبر حتى يستغرق الصبر في الصبر فيعجز الصبر عن الصبر “

- التعريفات. الجرجاني ص ص 136 - 137:

“ الصبر هو ترك الشكوى من ألم البلوى لغير اللّه لا إلى اللّه لأن اللّه تعالى اثنى على أيوب، ( ع ) بالصبر بقوله إنا وجدناه صابرا، مع دعائه في دفع الضر عنه، بقوله وأيوب إذ نادى ربه انّى مسنّى الضر وأنت ارحم الراحمين، فعلمنا ان العبد إذا دعى اللّه تعالى في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره، ولئلا يكون كالمقاومة مع اللّه تعالى ودعوى التحمل بمشاقة، قال اللّه تعالى ولقد اخذناهم بالعذاب فم استكانوالر بهم وما يتضرعون، فان الرضا بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى اللّه ول إلى غيره وانما يقدح بالرضا في المقضى، ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي والضرّ هو المقضي به، وهو مقتضى عين العبد سواء رضي به أو لم يرضى. كما قال صلى اللّه عليه وسلم من وجد خيرا فليحمد اللّه ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه، وانما لزم الرضاء بالقضاء لأن العبد لا بد ان يرضى بحكم سيده “

- بشر الحافي:

“ الصبر الجميل، هو الذي لا شكوى فيه للناس “ ( طبقات الصوفية، 43 )

- الحارث المحاسبي:

“ لكل شيء جوهر، وجوهر العقل الصبر “ ( طبقات الصوفية 59 )

- حاتم الأصم:

“ لكل قول صدق، ولكل صدق فعل، ولكل فعل صبر، ولكل صبر حسبة، ولكل حسبة إرادة، ولكل إرادة اثرة “ ( طبقات الصوفية 94 )

- يحيى بن معاذ الرازي:

“ عند نزول البلاء، تظهر حقائق الصبر، وعند مكاشفة المقدور، تظهر حقائق الرضا “ ( طبقات الصوفية 113 )

- رويم بن أحمد البغدادي:

“ الصبر ترك الشكوى “ ( طبقات الصوفية 183 )


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!