الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


26. الألوهيّة أو الألوهة

يفرق الشيخ الأكبر بين: الوهي - الهي - إليّ.

الالوهي كل نسبة مضافة إلى اللّه. والإلهي كل اسم الهي مضاف إلى البشر اما الالّي فهو كل اسم الهي مضاف إلى ملك أو روحاني 2.

لبيان معنى الألوهية في فلسفة الشيخ ابن العربي لا يسعنا ان نزيد على ما ذكرناه في شرح كلمتي: “ اللّه “ “ واله المعتقدات “ 3 الا نقطتين هما:

****

الألوهية مرتبة للذات لا يستحقها سوى اللّه، تفارق الذات الغنية عن العالمين، كما تفارق الربوبية المسؤولة عن العالم - وهي مع كونها حكما من احكام الذات الا ان لها احكاما تتجلى في صورها، من خلال تجلياتها يصل العقل إلى معرفة الألوهية.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ( 1 )الالوهة مرتبة للذات لا يستحقها الا اللّه فطلبت مستحقها [ اللّه ]، ما هو طلبها. والمألوه يطلبها وهي تطلبه والذات غنية عن كل شيء 4 “

( ف 1 / 42 ).

“ فالألوهية ليست غير ذاته تعالى، ومعقول الالوهة خلاف معقول كونه ذاتا، فثنت الالوهة ذات الحق وليست سوى عينها “ ( ف 3 / 314 ).

“ نسبة الالوهة التي بها تسمى اللّه: اللّه “ ( ف 3 / 322 ).

كما يظهر عند الشيخ ابن العربي ان الألوهية هي طائفة الأسماء الإلهية التي يتصف بها الحق من حيث كونه الها - اي معبودا - ( قدوس - سبّوح. .. ) ام الربوبية فهي الطائفة الثانية من الأسماء الإلهية التي يتصف بها الحق من حيث كونه مدبرا للوجود ومتصرفا فيه ( الخالق - المدبّر. .. ). فالألوهية مرتبة الذات من حيث كونها الها يعبد ويقدس في مقابل الربوبية المسؤولة عن المربوب 5.

يقول:

“ ( 2 )ان للالوهة احكاما، وان كانت حكما. وفي صور هذه الأحكام يقع التجلي في الدار الآخرة 6 حيث كان فإنه قد اختلف في رؤية النبي صلى اللّه عليه وسلم

ربه. .. “ ( ف 1 / 41 ).

“ للعقل نور يدرك به أمور مخصوصة. .. فبنور العقل تصل إلى معرفة الالوهة وما يجب لها، ويستحيل. وما يجوز منها فلا يستحيل ولا يجب 7. .. “

****

الألوهية هي برزخ بين الذات والخلق - انها الأسماء الحسنى السارية في الخلق جميعا.

يقول الحاتمي:

“ ان الحق بين الخلق وبين ذاته الموصوفة بالغنا عن العالمين، فالالوهة في الجبروت 8 البرزخي 9 فتقابل الخلق بذاتها وتقابل الذات بذاتها.

ولهذا لها التجلي في الصور الكثيرة والتحول فيها والتبدل، فلها إلى الخلق وجه به يتجلى في صور الخلق ولها إلى الذات وجه به تظهر للذات، فلا يعلم المخلوق الذات الا من وراء هذا البرزخ وهو الالوهة، ولا تحكم الذات في المخلوق بالخلق الا بهذا البرزخ وهو الالوهة.

وتحققناها فما وجدناها سوى ما ندعو به من الأسماء الحسنى 10 “ ( ف 4 / 208 - 209 ).

“ فلا تسّب المعبودات، فان سريان الألوهية في الموجودات، ولولا ذلك م قامت، ولولا قيوميتها ما دامت “ ( إشارات القرآن ص 56 ).

“ وصور العالم لا يمكن زوال الحق عنها أصلا، فحد الألوهية له بالحقيقة لا بالمجاز كما هو حد الانسان [ للجسد الانساني ] إذا كان حيا 11 “ ( فصوص 1 / 69 ).

..........................................................................................

( 1 ) يستعمل الشيخ ابن العربي كلمتي الألوهية والالوهة على الترادف وسنورد نصين يتكلم فيهما على مرتبة اله المعتقدات ويطلق عليها: الالوهة والألوهية، يقول:

“ والألوهية مرتبة تخيل العابد له انها مرتبة معبودة، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص. “ ( فصوص 1 / 195 ).

“ ان للالوهة احكاما. .. وفي صور هذه الأحكام يقع التجلي في الدار الآخرة “ ( ف 1 / 41 ).

راجع “ اله المعتقدات “

( 2 ) راجع اصطلاحات الشيخ ابن العربي طبع مكتبة لبنان ص 295.

( 3 ) راجع “ اللّه “ و “ اله المعتقدات “ لان الألوهية نسبة إلى اللّه، تتمتع بما له من هيمنة على صفات وأسماء وتفارق مثله الذات والربوبية بما له من احكام.

( 4 ) لقد سبق ان بينا في كلامنا على “ اللّه “ ان الذات غنية عن العالمين بينما الألوهية مفتقرة إلى المألوه. فلتراجع.

( 5 ) راجع “ ربوبية “ والمضمون الثاني لكلمة “ اللّه “. كما يراجع النص الثالث حيث قال نوح: “ رب “ ما قال “ الهي “. مع شرحه الفصوص ج 2 ص ص 41 - 42.

( 6 ) إشارة إلى الحديث الذي يثبت تجلى الحق في الآخرة في صورة الاعتقادات راجع “ اله المعتقدات “

( 7 ) راجع “ اله المعتقدات “ حيث يضع الشيخ ابن العربي العقل في مواجهة القلب، الأول للحدود والقيود والثاني للتقلب مع التجليات. فالالوهة عند الشيخ ابن العربي تأخذ في أكثر الأحيان مرتبة “ اله المعتقدات “. اما التهانوي فيعرّف الألوهية في الكشاف ج 1 ص ص 103 - 104 ننقل منها: “ الألوهية. .. اسم مرتبة جامعة لمراتب الأسماء والصفات كلها. .. واللّه اسم لرب هذه المرتبة. .. “ فليراجع.

( 8 ) “ الجبروت عند أبي طالب المكي عالم العظمة يريد به عالم الأسماء والصفات الإلهية وعند الأكثرين عالم الأوسط. وهو البرزخ المحيط بالامرّيات الجمّة “.

( تعريفات الجرجاني. ط مكتبة لبنان ص 77 ).

( 9 ) راجع “ برزخ “.

( 10 ) راجع “ اسم “

( 11 ) راجع شرح المقطع هذا في الفصوص ج 2 ص 34 - 35.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!