الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


177. - الحقيقة

* يقصد الشيخ ابن العربي بالحقيقة ما يشير اليه الفلاسفة بكلمة “ ماهية “ و “ ذات “، والحقائق لا تنقلب ولا تتبدل ولا تتفاضل فيما بينها - وهي أصل ومبد التمييز.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ( 1 ) وانه [ الحق ] يتنوع ويتصور بحسب حقائق هذه الأعيان [ الثابتة ].

وأحوالها “ ( فصوص 1 / 81 )

“ فهو [ شيث عليه السلام ] من حيث حقيقته ورتبته عالم بذلك كله. .. “ ( فصوص 1 / 66 ).

“ ( 2 ) والحقائق لا تنقلب ولا تتبدل. .. “ ( ف 4 / 422 ).

“ وليس بين حقائق العالم مفاضلة فيقال هذا اشرف من هذا من جهة الحقائق والذوات. .. وذلك ان كل حقيقة في العالم مربوطة بحقيقة الإلهية [ الهية ] هي حافظته. .. “ ( التراجم. ص ص 3 - 4 ).

( 3 ) " الحق حق، والانسان انسان، والعالم عالم. .. فإنه ان لم تكن ثمة حقيقة يقع بها تميز الأعيان، لم يصح ان تقول كذا مساو لكذا بل تقول عين كذا “ ( ف 3 / 343 ).

نوضح نظرة الشيخ ابن العربي إلى الوجود 2 بالنقاط التالية:

 - ان كل صفة مفردة في الكون متميزة ( - جزء لا يتجزأ ) هي: حقيقة، كما يسميها أيضا حرفا 3.

 - إذا جمعت عدة حقائق مفردة وركبت بشكل خاص اعطى مفهوما جديدا. يسميه أيضا حقيقة أو كلمة 4، مثلا: الحقيقة الانسانية التي تتألف من عدة حقائق مفردة متميزة 5. ..

 - الحقائق التي ركبّت في الفقرة السابقة من “ حقائق المفردة “ تصنف على أساس جديد بارجاعها إلى أصلين هما في الواقع وجها الحقيقة الكبرى الواحدة 6: حق خلق، قديم حادث. ..

يقول الشيخ ابن العربي:

“ فما في الوجود كله: حقيقة. .. ومنك إليها ومنها إليك رقيقة، فعدد الرقائق على عدد الحقائق. .. “ ( انشاء الدوائر. ص 4 ).

“ فما ثمة الا حقيقة واحدة تقبل جميع هذه النسب والإضافات التي يكنى عنها، بالأسماء الإلهية. والحقيقة تعطى ان يكون لكل اسم يظهر، إلى ما لا يتناهى، حقيقة يتميز بها عن اسم آخر، تلك الحقيقة التي بها يتميز هي الاسم عينه لا ما يقع فيه الاشتراك. .. “ ( فصوص 1 / 65 ).

الحقيقة كما يفهمها وينشدها الفلاسفة ما هي عند الشيخ ابن العربي ؟

انها واقع الوجود الذي يراه شيخنا الأكبر في وحدته، والوصول إلى الحقيقة هو الشهود لتلك الوحدة الوجودية.

اذن الحقيقة هي: الوصول إلى وحدة الوجود.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ان الحقيقة هي ما هو عليه الوجود بما فيه من الخلاف والتماثل والتقابل. ..

فعين الشريعة 7 عين الحقيقة 8. .. ،

فالحقيقة ان أعطت أحدية الالوهة فإنها أعطت النسب فيها، فما أثبتت ال أحدية الكثرة [ انظر أحدية الكثرة ] النسبية لا أحدية الواحد، فان أحدية الواحد [ انظر أحدية الواحد ] ظاهرة بنفسها واحدية الكثرة عزيزة المنال لا يدركها كل ذي نظر، فالحقيقة التي هي أحدية الكثرة لا يعثر عليها كل أحد. ..

فالحقيقة 9: ظهور صفة حق خلف حجاب صفة عبد 10. .. “ ( ف 2 / 563 ).

..........................................................................................

( 1 ) انظر كلام الحلاج في الوجوه التي نظر منها إلى الحقيقة وهي: علم الحقيقة - حقيقة الحقيقة - حق الحقيقة. الطواسين: طس الفهمII. طاسين الصفاءIII. نشر الأب نويا المطبعة الكاثوليكية. بيروت 1972 ص ص 194 - 197.

( 2 ) ان جغرافية الوجود عند الشيخ ابن العربي تشبه إلى حد بعيد مذهب الذرة اليوناني. ولكنه يستخدمه بطريقة خاصة بتطبيقه على العالم الحسي والمعنوي والإلهي. والذرة هنا نستبدل بها كلمة حقيقة.

( 3 ) راجع “ حرف “.

( 4 ) انظر “ حرف “ “ كلمة “.

( 5 ) انظر تركيب الحقائق في نظر الشيخ ابن العربي حيث تظهر من موقف آدم التعليمي للملائكة وتركيبه الحقائق ( نسخة الحق. ورقة 28 ب ).

( 6 ) راجع “ وحدة وجود “.

( 7 ) عندما يتكلم الصوفية على “ الحقيقة “ سرعان ما يأخذهم خوف من الفقهاء مرده اتهام: ان الصوفية أهل حقيقة وليس أهل شريعة. وقد قال الجنيد: ل يبلغ أحد درج الحقيقة حتى يشهد فيه الف صديق انه زنديق.

لذلك نجد الشيخ ابن العربي هنا يتبع دائما لفظ الحقيقة بكلمة “ شريعة “ حتى يخيل للقارئ ان النص هو في العلاقة بين الحقيقة والشريعة، على حين ان هذا النص في الواقع في “ الحقيقة “ عند الشيخ ابن العربي وما مرادفتها للشريعة الا نتيجة الخوف الذي سبق الكلام عنه.

هذا ويجب الّا يفهم مما تقدم ان الحقيقة عند الشيخ ابن العربي لا ترادف الشريعة.

( 8 ) يفرق الصوفية بين الطريقة والحقيقة والشريعة يقول الشيخ ابن العربي:

“ يدعون [ جماعة يدعون انهم من أهل الطريقة المثلى ] ان أهل المغرب أهل حقيقة لا طريقة وهم أهل طريقة لا حقيقة، وكفى بهذا الكلام فسادا إذ لا وصول إلى حقيقة الا بعد تحصيل الطريقة، وقد قال. ..

أبو سليمان الداراني رحمه اللّه: انما حرموا الوصول إلى الحقيقة

بتضييعهم الأصول وهي الطريقة. .. “ ( روح القدس ص ص 21 - 22 ).

كما يراجع الرسالة الغوثية ورقة 78 ( شريعة، طريقة، حقيقة )

( 9 ) يراجع بشأن “ حقيقة “ عند الشيخ ابن العربي:

- فتوحات 2، ص 73.

- رسالة لا يعول عليه. ص 2 ( الحقيقة والشريعة )

- كتاب الشاهد. ص 2 ( الحق والحقيقة )

- كتاب الكتب. ص 1، 24.

- الرسالة الغوثية ورقة 78 ( شريعة، طريقة، حقيقة ).

- إشارات القرآن. ورقة 61 أ.

- كتاب التراجم. ص 8.

( 10 ) راجع “ وحدة وجود “.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!