الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


135. - الجنّة

في اللغة:

راجع “ جن “.

في القرآن:

- 1 الجنة - البستان 2

قال تعالى: ” يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ “(/ 2 266 ).

- 2 الجنة - موطن آدم قبل هبوطه إلى الأرض.

قال تعالى: ” وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ “( 2 / 35 ).

- 3الجنة - ثواب الآخرة وهي محل رضى الحق عن عبده، رضى خالد، في مقابل النار ( محل الغضب ).

قال تعالى: “ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ “( 3185 /).

.” قال تعالى: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَل أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ “( 7 / 49 ).

قال تعالى: ” وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِم كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ “( 43 / 72 ).

قال تعالى: ” أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ “( 7 / 42 ).

- 4 اما عدد الجنات وأوصافها، فهو دخول في صميم النظريات، اذن، لن ندخل في تفاصيلها، بل سنترك هذا البحث للشيخ الشيخ ابن العربي ليعدد جنات القرآن كم يراها هو. ( سترد الجنات في مصطلحاته ).

اما الآيات التي تثبت تعدد الجنات:

قال تعالى: ” وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ “( 55 / 46 ).

قال تعالى: ” لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ 3تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ “ ( 3 / 15 ).

عند الشيخ ابن العربي:

* اخذ الشيخ ابن العربي الجنة بمفهومها اللغوي اي الستر 4. فالجنة هي النعيم المستور المتجدد مع الأنفاس - وهي دار الفضل والقربة والجمال الموجود من الكرم في مقابل النار أو جهنم [ دار الغضب الموجود من العظمة 5 ].

يقول الشيخ ابن العربي:

( 1 ) “ ومعنى الجنة مأخوذ من الاستتار للطفها وروحنتها “ ( شجون المشجون ورقة 28 ).

“ ان في الجنة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فاعلم أنه ما سمّيت الجنة جنة الا لما نذكره. .. فإنه. .. الستر المعبر عنه بالجنة “. ( ف 3 / 540 - 541 ).

“ ودخلت [ النفس المرضية ] في جنته [ تعالى ] اي في كنفه وستره “ ( ف 2 / 396 ).

“ اللذة بالجديد الطاريء أعظم في النفس من ملازمة الصحبة، وفي هذا

اسرار في حدوث نعيم الجنان مع الأنفاس 6. .. “ ( ترجمان الأشواق. ص 45 هامش 2 ).

( 2 ) “ الجنة وهي دار القربة ومحل الرؤية، وهي دار الشهوات وعموم اللذات “ ( ف 4 / 112 ).

“ دار الفضل التي هي الجنة “ ( شق الجيوب. ورقة 22 ).

“ والجنة دار جمال وأنس وتنزل الهي لطيف “ ( ف 3 / 463 ).

“ ففي الآخرة منزلان: جنة وجهنم، وفي الدنيا منزلتان: عذاب ونعيم، أو ألم ولذة. .. “ ( ف 3 / 307 ).

“ والنار موجودة من العظمة، والجنة موجودة من الكرم “ ( ف 3 / 76 ).

ان الجنة هي الستر، لذلك كل من له رتبة الستر فهو جنّة، و “ الانسان “ من حيث هو مجلى لاسم الهي معين ستر من هذه الحيثية الحق، فهو جنة اللّه من اسمه المتجلي فيه. أو بكلام آخر “ جنة ربه “ 7 - والجنة حضرة الرسول محمد صلى اللّه عليه وسلم.

يقول الشيخ ابن العربي:

” ( 1 )وَادْخُلِي جَنَّتِي “[ 89 / 30 ] التي بها ستري. وليست جنتي سواك 8 فأنت تسترني بذاتك، فلا اعرف الا بك، كما انك لا تكون الا بي، فمن عرفك عرفني وانا لا اعرف، فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته [ جنة ربك ] دخلت نفسك فتعرف نفسك 9 “ ( فصوص 1 / 92 ).

“ ( 2 )فان الجنة حضرة الرسول عليه السلام 10، وكثيب الرؤية حضرة الحق. .. فكما انه ينقلك الرسول إلى اللّه كذلك تنقلك حضرته التي هي الجنة إلى الكثيب الذي هو حضرة الحق. .. “ ( ف 1 / 103 ).

الجنة حضرة الرسول: يمكن ان يكون مقصود الشيخ ابن العربي من ذلك ان حضرة الرسول هو: جنة اي حجاب يستر الحق من وجه، ويوصل إلى الحق من وجه بما يتضمن الحجاب من صفة ايجابية.

الجنة هي الرؤية [ راجع كثيب ] في مقابل النار [ حجاب ].

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ان الآخرة ذات دارين: رؤية وحجاب “ ( ف 2 / 335 ).

ما هي الجغرافية التي يرسمها الشيخ الأكبر للجنات ؟

وإلى اي مدى يعطي صفة حسيّة لجناته ؟

يثبت الشيخ ابن العربي النعيم المحسوس إلى جانب النعيم المعنوي، على عكس ما ذهب اليه بعض شراحه من أنه ينفى “ الجنة “ بمفهومها المحسوس، وما فيها من اكل وشرب ونكاح ولباس 11.

يقول:

“ ان الجنة جنتان: جنة محسوسة وجنة معنوية. ..

كما أن العالم عالمان: عالم لطيف وعالم كثيف. وعالم غيب وعالم شهادة.

والنفس الناطقة المخاطبة المكلفة لها نعيم بما تحمله من العلوم والمعارف. .. ونعيم بما تحمله من اللذات والشهوات. .. وخلق [ تعالى ] الجنة المعنوية التي هي روح هذه الجنة المحسوسة من الفرح الإلهي، من صفة الكمال والابتهاج والسرور.

فكانت الجنة المحسوسة كالجسم، والجنة المعقولة كالروح. .. “ ( ف 1 / 317 ).

اما جغرافية الجنات فيمكن تلخيصها بالشكل التالي:

وهكذا كل اسم يرد من الأسماء الكثيرة التي يرددها الشيخ ابن العربي م هي الا منازل لجنة الاعمال.

ولذلك لا نجد ضرورة في التوسع بها. فهي جغرافية ميتافيزيقية لا تمس مصطلحاتنا بشكل مباشر 23.

ولكن، لا يترك الشيخ ابن العربي جناته في قمة كثرتها فها هو يعود بحسه الموحد إلى النظر إليها: عين واحدة كثيرة الأحكام.

يقول.

“. .. فكل جنة لا نشك انها جنة مأوى وجنة عدن وجنة خلد وجنة نعيم وجنة فردوس وهي واحدة العين وهذه الأحكام لها 24. .. “ ( فتوحات 3241 / ).

..........................................................................................

( 1 ) راجع بخصوص جنة:

- التفسير العظيم. سهل التستري ص 9 ،

- سلوة العارفين وبستان الموحدين الترمذي ص 129 ،

- تنبيه الغافلين. السمرقندي، العنوان “ باب صفة الجنة وأهلها “ ص ص 22 - 25.

- رسالة في علم التصوف. إسماعيل بن سودكين النوري. مخطوط الظاهرية رقم 8080 ورقة 60 ب ،

( 2 ) “ والجنة البستان، وهو ذاك لان الشجرة بورقه يستر “ ( معجم مقاييس اللغة - مادة: جن ).

( 3 ) راجع المعجم المفهرس لألفاظ القرآن مادة “ جنات “.

( 4 ) راجع جنة بمعنى ستر، عند الشيخ ابن العربي:

- الفتوحات ج 3 ص 442 ( الجنة - نعيم صاف ).

- الفتوحات ج 4 ص 250، 380، 420، 507 ،

- بلغة الغواص ورقة 20 ( استعمل الشيخ ابن العربي لفظ وأجنها بمعنى وسترها ).

- بلغة الغواص ورقة 123.

- كما يراجع “ ستر “ في هذا المعجم.

( 5 ) راجع “ جهنم “ كما يراجع الفتوحات ج 3 ص 386 ( دار الغضب ودار الرضى ).

( 6 ) إشارة إلى الخلق الجديد فليراجع ،

( 7 ) راجع “ رب “، كما يراجع “ شق الجبوب “ ورقة 55.

( 8 ) عندما تكون الجنة هي ذات الانسان، يأخذ معنى: دخول الجنة ونعيمها، السعادة التي يدركها الانسان عندما ينزل إلى اعماق نفسه ويتأمل صورته فتنكشف له وحدة الحق والخلق.

وهي ادراك القديم من خلال الحادث ( انظر فصوص 2 / 90 ).

( 9 ) لقد اخذ أبو العلا الجنة هنا بمعزل عن اضافتها إلى الرب. فنراه يحدد الجنة عامة عند الشيخ ابن العربي من خلال هذا النص فقط ( راجع فصوص 2 / 90 ).

( 10 ) عندما تكون حضرة الرسول هي الجنة، يأخذ معنى دخول الجنة ونعيمها: الاندراج في الحقيقة المحمدية والسعادة العظمى الحاصلة عن التحقق بالوحدة الذاتية معها، من حيث هي الأصل الذي صدرنا عنه. ( راجع “ الحقيقة المحمدية “ ).

( 11 ) يميل أبو العلا عفيفي إلى تأويل كل نصوص الشيخ ابن العربي القائلة بوجود جنة محسوسة، يقول:

“ وإلى الصنفين أشار [ الشيخ ابن العربي ] باهل الجنة وأهل جهنم: إذ الأولون حاصلون في عين القرب من اللّه، والآخرون حاصلون في عين البعد عنه. وليس للجنة ولا لجهنم معنى عنده الا ذاك [ القرب والبعد ] “ ( فصوص 2 / 123 - 124 ).

كما يقول:

“ غير اننا يجب ان نتذكر ان اللغة الرمزية التي يصوغ بها المؤلف نظريته في وحدة الوجود لا تسمح بوجود جنة حقيقية ولا نار حقيقية في دار غير هذه الدنيا. فان النار عنده ليس لها معنى الا “ ألم الحجاب “ أو الحال التي لا يدرك فيه الانسان الوحدة الوجودية للموجودات، كما أن الجنة. .. “ ( فصوص 2 / 236 ).

ولذلك نرى عفيفي في كل نص يورده الحاتمي مما يشعر بوجود الدار الآخرة وجودا حقيقيا محسوسا يتعنى في تأويله. ( انظر فصوص 2 / 175 ).

واننا نتساءل: لماذا يرفض أبو العلا عفيفي وجود جنة محسوسة ونار محسوسة في نظرية الشيخ ابن العربي في وحدة الوجود ؟ وكيف تقبل هذه النظرية نفسها وجود عالم “ الثبوت “ ( انظر “ عين ثابتة “ ) بل تفسر على أساسه الخلق والظهور وتعتبره فيضا أول أقدس ( راجع: فيض أقدس “ )، تتنزل فيه الذات من غيبها المطلق إلى عالم الظهور. وترفض “ القيامة “ الحقيقية و “ الآخرة “ بمنزليها الحقيقيين: الجنة والنار ؟

نحن نميل إلى الاتفاق معه بان الآخرة بمنزليها ليست مرحلة أخيرة ونهائية في عودة “ الظهور “ إلى “ البطون “ بل هي مرحلية.

فكما ان الذات في ظهورها تنزلت عوالم حتى تجلت في الصور المحسوسة كذلك في عودتها إلى البطون تقطع عوالم حقيقية، لها الوجود نفسه التي قطعتها في تنزله وتجلها وظهورها.

ولذلك لا نرى ضرورة في تأويل كل ما يقوله الشيخ ابن العربي في الجنة والجنات والقيامة والحشر الجسدي ( انظر قيامة ) لما في ذلك من تأويل مئات الصفحات دون جدوى بل الأولى ان نثبت مع الشيخ ابن العربي جنة محسوسة وجنة معنوية.

ونراه يقول في نشأة الانسان في الآخرة: “ كذلك نشأة الانسان في الآخرة لا تشبه نشأة الدنيا وان اجتمعت الأسماء والصورة الشخصية فان الروحانية على نشأة الآخرة أغلب من الحسية. .. “ ( ف 1 / 318 ).

اذن أثبت الحسية في نشأة الآخرة.

( 12 ) راجع “ جنة اختصاص “.

( 13 ) راجع “ جنة ميراث “.

( 14 ) راجع “ جنة اعمال “.

( 15 ) يقول الشيخ ابن العربي: “ وجعل في كل جنة [ عدن - الفردوس - الخلد. .. ] مائة درجة بعدد الأسماء الحسنى والاسم الأعظم المسكوت عنه. .. “ ( ف 3 / 435 ).

( 16 ) راجع “ جنة عدن “.

( 17 ) راجع “ جنة الوسيلة “

( 18 ) راجع - فتوحات 3 ص 435.

- فتوحات 4 ص 348.

( 19 ) يقول الشيخ ابن العربي:

“ وجنة نعيم اي ستر ينعم به وحده “ ( ف 4 / 409 ).

راجع بخصوص “ جنة نعيم “ الفتوحات ج 3 ص 435، 439. وج 4 ص 348 ،

( 20 ) راجع - فتوحات ج 3 ص 435 ،

- فتوحات ج 4 ص 348، 354، 428 ،

( 21 ) راجع الفتوحات ج 3 ص 435 ،

( 22 ) راجع فيما يتعلق بجنة المقامة: - فتوحات ج 3 ص 435.

- فتوحات ج 4 ص 348.

( 23 ) راجع رسم صورة جنات الاعمال. الفتوحات ج 3 ص 423 ،

كما يراجع بخصوص هذه الجنات: - الفتوحات ج 3 ص 435 ،

- الفتوحات ج 3 ص 241 ،

( 24 ) المعنى نفسه. الفتوحات ج 3 ص 435.

***


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!