الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


109.  – الجوع

في اللغة:

“ الجيم والواو والعين، كلمة واحدة، فالجوع ضد الشبع “

( معجم مقاييس اللغة مادة “ جوع “ ).

في القرآن:

وردت كلمة “ جوع “ بالمعنى اللغوي السابق:

” فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ “( 106 / 4 ).

عند الشيخ ابن العربي:

يعترف الشيخ ابن العربي بالجوع ركنا من أركان المجاهدة، ولكنه لا يلبث بنظرة موضوعية علمية إلى عواقب الجوع ان يتجنبه دون الوقوع في تخمة نقيضه [ الشبع ].

يقول الشيخ ابن العربي:

( 1 ) “ الجوع أحد أركان المجاهدات، وفيه تصفية القلب، وكسر النفس عن الشهوة. ..

قال يحي بن معاذ الرازي: لو كان الجوع يباع في السوق. ..

ينبغي لطلاب الآخرة إذا دخلوا السوق ان لا يشتروا غيره 1 “

( رسالة الارشاد - ورقة 151 ب ).

( 2 ) الجوع ليس مطلوبا لك [ العبد ]. .. ولكن ان كان الجوع إذا قام

بك أعطاك من الصفاء والرقة واللطافة والتحقق بالعبودة. .. فأنت طالب له غير مستغن عنه، فان أعطاك الشبع ما أعطاك الجوع من كل ما ذكرناه، فقد استغنيت بالشبع عن الجوع، إذ الجوع ليس مطلوبا لنفسه. ..

ولذلك كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يتعوذ من الجوع ويقول: انه بئس الضجيع. .. وهذا مذهبنا، وللجوع حدّ ومقدار. .. “ ( ف 2 / 658 ).

كما يقول أيضا:

“ واما اللطيفة الروحانية التي تتنعم بالعلوم الإلهية فليس هذا [ الجوع ] بابها، وانما بابها قطع الشواغل وترك الفضول وتعلق الهمة باللّه تعالى. وانم حملهم على الجوع ان تضعف القوى فيقل فضول النفس بهذا السبب. وقد رأيت الرجل 2 إذ قوي ترد عليه الموارد الإلهية في شبعه وجوعه. .. فلو كان الجوع شرطا لما صحّ زواله، ولكان الوارد يتوقف على عدم الشرط. .. “

( وسائل السائل ص 55 ).

وهكذا نلاحظ ان الشيخ ابن العربي لم يتوقف عند الجوع كشرط ضروري من شروط الطريق كما قرره فكر أسلافه 3. بل نظر إلى الجوع وسيلة لها فوائدها وله مضارها ( الصحية والفكرية )، ولها ممارسة خاصة ( المريد دون الأربعين ) 4 من خلال نسبيتها ( حدّ الشبع نسبيّ عند الافراد ).

..........................................................................................

( 1 ) هذا الموقف من الجوع هو من جملة الأغاليط التي ينسبها الحاتمي للطائفة. انظر الفتوحات ج 2 ص 658.

اما بخصوص قول يحي بن معاذ انظر اللمع ص 269.

( 2 ) انظر “ رجل “

“ ( 3 )وأركان الطريق أربعة أشياء: الجوع والعزلة والسهر وقلة الكلام. .. وكان أبو القاسم القشيري رحمه اللّه تعالى يقول: “ انما أساس باب الطريق الجوع، لأنهم لم يجدوا ينابيع الحكمة تحصل لهم الا به “. .. وكان أبو عثمان المغربي. .. يأكل كل ستة اشهر اكلة واحدة. .. وكان سهل بن عبد اللّه التستري لا يأكل الا بعد خمسة عشر يوما، ويقول: “ لما خلق اللّه الدنيا جعل في الجوع العلم والحكمة، وجعل في الشبع الجهل والمعصية. . “ ( الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية الشعراني ج 1 ص 56 - 57 ).

كما يراجع “ علم القلوب “ لأبي طالب المكي - تحقيق عبد القادر عطا ص 214 - 220 ،

( 4 ) انظر “ وسائل السائل “ ص 56 - 57 ،

- 115جليس الحق

مرادف: جليس اللّه

في اللغة:

“ الجيم واللام والسين كلمة واحدة وأصل واحد وهو الارتفاع في الشيء.

يقال جلس الرجل جلوسا وذلك عن نوم واضطجاع “

( معجم مقاييس اللغة مادة جلس )

في القرآن:

ورد الأصل “ جلس “ في القرآن في مكان واحد بصيغة اسم محل “ مجلس “:

موضع الجلوس” إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا “( 58 / 11 ).

عند الشيخ ابن العربي:

ان “ الذكر “ إذا تخطى صورته اللسانية ليعمّ “ الذاكر “، أوصل موضوعه إلى حال حضور مع “ المذكور “، فالذاكر للحق يصل بذكره إلى الحضور في حضرة الحق من حيث “ الاسم المذكور “.

وعندما يصل الذاكر إلى حضرة الحق، يجلس معه مدة ذكره، فهو: جليس الحق 1.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ لان أهل الذكر هم جلساء الحق. .. فعلى قدر ذكره [ الذاكر ] يكون الحق دائم الجلوس معه. .. فكل ذاكر لا يزيد علما في ذكره بمذكوره فليس بذاكر. وان ذكر بلسانه لان الذاكر هو الذي يعمّه الذكر كله، فذلك هو جليس الحق 2. .. “ ( ف 3 / 457 ).

“ فان الذاكرين. .. جلساء اللّه من حيث الاسم الذي يذكرونه به. .. “ ( ف 3 / 474 ).

“ الذاكرون اللّه، اللّه جليسهم. .. فأنتم جلساء الحق. .. “ ( ف 4 / 334 ) ،

“ لما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يذكر اللّه على كل احيانه، واللّه جليس من يذكره، فلم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم جليس الحق دائما. .. “ ( ف 4 / 184 ).

اذن الذاكر هو جليس الحق، وحيث إن التنزيل العزيز اكّد ان الحق يذكر من يذكره” فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ “[ 2 / 152 ] أصبح الحق كذلك: جليس الذاكر.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ما بأيدينا من الحق الا الذكر ولذلك قال: أنا جليس من ذكرني. .. “ ( ف 4 / 441 ).

..........................................................................................

( 1 ) أشار الحديث الشريف إلى مجالسة الانسان للقرآن، ومجالسته لربه الجبار.

انظر فهرس الأحاديث: حديث رقم ( 19 ).

( 2 ) وردت عبارة “ جليس اللّه “ في طبقات الصوفية للسلمى ضمن حديث لإبراهيم بن أدهم، ولكنها لم تأخذ هذا المعنى الاصطلاحي، يقول:

“ يا غلام ! إياك - إذا صحبت الأخيار. .. - ان تغضبهم عليك، فان اللّه يغضب لغضبهم، ويرضى لرضاهم. وذلك ان الحكماء هم العلماء، وهم الراضون عن اللّه عز وجل إذا سخط الناس، وهم جلساء اللّه غدا، بعد النبيين والصديقين “ ( ص ص 32 - 33 ).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!