Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


97. الموقف السابع والتسعون

قال تعالى: ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً﴾[النحل:16/ 30].

يسئل الذين جعلوا أنفسهم وقاية لربهم من نسبة الشرّ و القبح إليه، وهم العارفون بربّهم: ماذا أنزل ربكم؟ أي ما فعل فيكم وفي سائر مخلوقاته؟ وكل واقع؛ فهو نزل من حضرة الجمع، التي هي حضرة من حضراته تعالى كما قال: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾[الحجر: 15/ 21].

قالوا: خيراً: أي فعل وأنزل خيراً، إذ كل واقع مما صورته شراً أو خيراً، ونفعاً أو ضيراً، فهو خير على الحقيقة، وذلك من وجوه شّتى؛ فما ظاهره شر ك الكفر والبلايا والمحن، فهو خير لمن نزل به، وإن كان شراً بحسب ظاهره وبحسب غير النازل به، إذ الواقع النازل بكل إنسان هو مقتضى حقيقته التي بها هو هو. وهو طالب لذلك النازل به، بلسان استعداده، الذي هو أفصح من لسان مقاله، ولو نزل به ضدّ ذلك لردّه ونتأذى به وما قبله. فالاستعداد هو الأصل والأسباب الخارجية تابعة له. وهو أزلي قديم غير مجعول، فالنازل بكل إنسان هو من لوازم عينه الثابتة، وتأثير القدرة تابع للإرادة، والإرادة تابعة للعلم، وصفات الحق غير داخلة تحت الزمان، ولكن هكذ هو الأمر، و العلم تابع للمعلوم تبعيّة رتبة، لا تبعيّة زمان، بمعنى أن تسميته علماً اقتضت تبعيته للمعلوم، أعني ما دام المعلوم في حضرة العلم،  الذي هو عين الذات، من كل وجه واعتبار، لم يوصف بالوجود الخارجي؛ وأما بعد الوجود الخارجي، وتعلق العلم، الذي يعبّر القوم عنه بظاهر العلم، كان المعلوم حينئذٍ تابعاً للعلم، إذ الوجود الخارجي ظل وحكاية لهذ العلم، الذي يسمّى بظاهر العلم، كما أن العلم الذاتي حكاية للمعلوم وهو معنى تبعيّته. والمعلوم هو ذلك الذي لا يتبدّل ولا يتغيّر ولا ينقلب، إذ لو تغيّر لكان جهلاً تعالى الله عنه، فالنازل بكل إنسان لازمه وحقيقته، وليس الواقع لنازل بشيء زائد عليه أو خارج عنه، فالظاهر عين الباطن، والغيب عين الشهادة، لا يكون هن ماليس هناك، وكل ما هنالك يكون هنا، ولا يقول شيء يارب لم جعلتني أنا؟ فهلاّ جعلتني غيري؟! فإنه غير معقول. وبهذا كانت الحجة البالغة له تعالى على مخلوقاته، ولول هذا ما كانت له الحجّة، وإليه يشير حديث: ((كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ))

وحديث: ((إنَّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، حتى ل يبقى بينه وبين الجنة إلاَّ شبر أو ذراع، فيسبق عليه الكتاب)).

فليس في هذا الكتاب إلاَّ الاستعداد الذي عليه ذلك المعلوم. وعمل المستعد للنار بعمل أهل الجنة والعكس هو استعداد جزئي لذلك العمل فلا ثمرة له كاستعداد الإنسان لطلب شيء بالدعاء، أو بالسعي فيه، ولا استعداد له لقبول المطلوب، بحيث لو أعطيه لردّه وكرهه أخيراً، وحديث ((اعملوا ولا تتكلّموا)) هو كسائر الحكم المودعة في الأسباب، فقد يوافق ذلك الاستعداد، وقد لا.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!