Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة النساء: [الآية 148]

سورة النساء
۞ لَّا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ﴿148﴾

تفسير الجلالين:

«لا يحب الله الجهر بالسوء من القول» من أحد أي يعاقبه عليه «إلا من ظُلم» فلا يؤاخذه بالجهر به بأن يخبر عن ظلم ظالمه ويدعو عليه «وكان الله سميعا» لما يقال «عليما» بما يفعل.

تفسير الشيخ محي الدين:

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)

البرهان قوي السلطان ، ولما أزال الحق بالقرآن شبه الضلالات وظلمة الشكوك وأوضح به المشكلات سماه نورا ، وكل ما جاء في معرض الدلالة فهو من كونه نورا ، لأن النور هو المنفر الظلم ، والقرآن ضياء لأن الضياء يكشف ، فكل ما أظهره القرآن فهو من أثر ضيائه ، فبالقرآن يكشف جميع ما في الكتب المنزلة من العلوم ، وفيه ما ليس فيها . فمن أوتي القرآن فقد أوتي الضياء الكامل الذي يتضمن كل علم ؛ فعلوم الأنبياء والملائكة وكل لسان علم فإن القرآن يتضمنه ويوضحه لأهل القرآن بما هو ضياء ، فهو نور من حيث ذاته لأنه لا يدرك لعزته ، وهو ضياء لما يدرك به ولما يدرك منه . فمن أعطي القرآن فقد أعطي العلم الكامل .

------------

(174) الفتوحات ج 4 / 352 - إيجاز البيان - الفتوحات ج 3 / 94 - ج 2 / 107

تفسير ابن كثير:

قال [ علي ] بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ) يقول : لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد ، إلا أن يكون مظلوما ، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه ، وذلك قوله : ( إلا من ظلم ) وإن صبر فهو خير له .

وقال أبو داود : حدثنا عبيد الله بن معاذ ، حدثنا أبي ، حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن عطاء ، عن عائشة قالت : سرق لها شيء ، فجعلت تدعو عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تسبخي عنه " .

وقال الحسن البصري : لا يدع عليه ، وليقل : اللهم أعني عليه ، واستخرج حقي منه . وفي رواية عنه قال : قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه من غير أن يعتدي عليه .

وقال عبد الكريم بن مالك الجزري في هذه الآية : هو الرجل يشتمك فتشتمه ، ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه ; لقوله : ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ) [ الشورى : 41 ] .

وقال أبو داود : حدثنا القعنبي ، حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ، ما لم يعتد المظلوم " .

وقال عبد الرزاق : أنبأنا المثنى بن الصباح ، عن مجاهد في قوله : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) قال : ضاف رجل رجلا فلم يؤد إليه حق ضيافته ، فلما خرج أخبر الناس ، فقال : " ضفت فلانا فلم يؤد إلي حق ضيافتي " . فذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ، حين لم يؤد الآخر إليه حق ضيافته .

وقال محمد بن إسحاق ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) قال : قال هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته ، فيخرج فيقول : " أساء ضيافتي ، ولم يحسن " . وفي رواية هو الضيف المحول رحله ، فإنه يجهر لصاحبه بالسوء من القول .

وكذا روي عن غير واحد ، عن مجاهد ، نحو هذا . وقد روى الجماعة سوى النسائي والترمذي ، من طريق الليث بن سعد - والترمذي من حديث ابن لهيعة - كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله ، عن عقبة بن عامر قال : قلنا يا رسول الله ، إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقرونا ، فما ترى في ذلك ؟ قال : " إذا نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف ، فاقبلوا منهم ، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، سمعت أبا الجودي يحدث ، عن سعيد بن المهاجر ، عن المقدام أبي كريمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أيما مسلم ضاف قوما ، فأصبح الضيف محروما ، فإن حقا على كل مسلم نصره حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله " .

تفرد به أحمد من هذا الوجه وقال أحمد أيضا : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا شعبة ، حدثني منصور ، عن الشعبي عن المقدام أبي كريمة ، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ليلة الضيف واجبة على كل مسلم ، فإن أصبح بفنائه محروما كان دينا له عليه ، إن شاء اقتضاه وإن شاء تركه " .

ثم رواه أيضا عن غندر عن شعبة . وعن زياد بن عبد الله البكائي . عن وكيع ، وأبي نعيم ، عن سفيان الثوري - ثلاثتهم عن منصور ، به . وكذا رواه أبو داود من حديث أبي عوانة ، عن منصور ، به .

ومن هذه الأحاديث وأمثالها ذهب أحمد وغيره إلى وجوب الضيافة ، ومن هذا القبيل الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار .

حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا صفوان بن عيسى ، حدثنا محمد بن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ; أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي جارا يؤذيني ، فقال له : " أخرج متاعك فضعه على الطريق " . فأخذ الرجل متاعه فطرحه على الطريق ، فجعل كل من مر به قال : مالك ؟ قال : جاري يؤذيني . فيقول : اللهم العنه ، اللهم أخزه ! قال : فقال الرجل : ارجع إلى منزلك ، وقال لا أوذيك أبدا " .

وقد رواه أبو داود في كتاب الأدب ، عن أبي توبة الربيع بن نافع ، عن سليمان بن حيان أبي خالد الأحمر ، عن محمد بن عجلان به .

ثم قال البزار : لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ، ورواه أبو جحيفة وهب بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ويوسف بن عبد الله بن سلام ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .


تفسير الطبري :

فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول} وتم الكلام. ثم قال عز وجل: {إلا من ظلم} استثناء ليس من الأول في موضع نصب؛ أي لكن من ظلم فله أن يقول ظلمني فلان. ويجوز أن يكون في موضع رفع ويكون التقدير : لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء إلا من ظلم. وقراءة الجمهور {ظلم} بضم الظاء وكسر اللام؛ ويجوز إسكانها. ومن قرأ {ظلم} بفتح الظاء وفتح اللام وهو زيد بن أسلم وابن أبي إسحاق وغيرهما على ما يأتي، فلا يجوز له أن يسكن اللام لخفة الفتحة. فعلى القراءة الأولى قالت طائفة : المعنى لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول إلا من ظلم فلا يكره له الجهر به. ثم اختلفوا في كيفية الجهر بالسوء وما هو المباح من ذلك؛ فقال الحسن : هو الرجل يظلم الرجل فلا يدع عليه، ولكن ليقل : اللهم أعني عليه، اللهم استخرج حقي، اللهم حل بينه وبين ما يريد من ظلمي. فهذا دعاء في المدافعة وهي أقل منازل السوء. وقال ابن عباس وغيره : المباح لمن ظلم أن يدعو على من ظلمه، وإن صبر فهو خير له؛ فهذا إطلاق في نوع الدعاء على الظالم. وقال أيضا هو والسدي : لا بأس لمن ظلم أن ينتصر ممن ظلمه بمثل ظلمه ويجهر له بالسوء من القول. وقال ابن المستنير {إلا من ظلم} معناه؛ إلا من أكره على أن يجهر بسوء من القول كفر أو نحوه فذلك مباح. والآية على هذا في الإكراه؛ وكذا قال قطرب {إلا من ظلم} يريد المكره؛ لأنه مظلوم فذلك موضوع عنه وإن كفر؛ قال : ويجوز أن يكون المعنى {إلا من ظلم} على البدل؛ كأنه قال : لا يحب الله إلا من ظلم، أي لا يحب الله الظالم؛ فكأنه يقول : يحب من ظلم أي يأجر من ظلم. والتقدير على هذا القول : لا يحب الله ذا الجهر بالسوء إلا من ظلم، على البدل. وقال مجاهد : نزلت في الضيافة فرخص له أن يقول فيه. قال ابن جريج عن مجاهد : نزلت في رجل ضاف رجلا بفلاة من الأرض فلم يضيفه فنزلت {إلا من ظلم} ورواه ابن أبي نجيح أيضا عن مجاهد؛ قال : نزلت هذه الآية {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} في الرجل يمر بالرجل فلا يضيفه فرخص له أن يقول فيه : إنه لم يحسن ضيافته. وقد استدل من أوجب الضيافة بهذه الآية؛ قالوا : لأن الظلم ممنوع منه فدل على وجوبها؛ وهو قول الليث بن سعد. والجمهور على أنها من مكارم الأخلاق وسيأتي بيانها في هود والذي يقتضيه ظاهر الآية أن للمظلوم أن ينتصر من ظالمه - ولكن مع اقتصاد - وإن كان مؤمنا كما قال الحسن؛ فأما أن يقابل القذف بالقذف ونحوه فلا؛ وقد تقدم في البقرة. وإن كان كافرا فأرسل لسانك وادع بما شئت من الهلكة وبكل دعاء؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : (اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف) وقال : (اللهم عليك بفلان وفلان) سماهم. وإن كان مجاهرا بالظلم دعي عليه جهرا، ولم يكن له عرض محترم ولا بدن محترم ولا مال محترم. وقد روي أبو داود عن عائشة قال : سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تسبخي عنه) أي لا تخففي عنه العقوبة بدعائك عليه. وروي، أيضا عن عمرو بن الشريد عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته). قال ابن المبارك : يحل عرضه يغلظ له، وعقوبته يحبس له. وفي صحيح مسلم (مطل الغني ظلم). فالموسر المتمكن إذا طولب بالأداء ومطل ظلم، وذلك يبيح من عرضه أن يقال فيه : فلان يمطل الناس ويحبس حقوقهم ويبيح للإمام أدبه وتعزيره حتى يرتدع عن ذلك؛ حكي معناه عن سفيان، وهو معنى قول ابن المبارك رضي الله عنهما. الثانية: وليس من هذا الباب ما وقع في صحيح مسلم من قول العباس في علي رضي الله عنهما بحضرة عمر وعثمان والزبير وعبدالرحمن بن عوف : (يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن). الحديث. ولم يرد عليه واحد منهم؛ لأنها كانت حكومة، كل واحد منهما يعتقدها لنفسه، حتى أنفذ فيها عليهم عمر الواجب؛ قاله ابن العربي. وقال علماؤنا : هذا إنما يكون فيما إذا استوت المنازل أو تقاربت، وأما إذا تفاوتت، فلا تمكن الغوغاء من أن تستطيل على الفضلاء، وإنما تطلب حقها بمجرد الدعوى من غير تصريح بظلم ولا غضب؛ وهذا صحيح وعليه تدل الآثار. ووجه آخر : وهو أن هذا القول أخرجه من العباس الغضب وصولة سلطة العمومة ! فإن العم صنو الأب، ولا شك أن الأب إذا أطلق هذه الألفاظ على ولده إنما يحمل ذلك منه على أنه قصد الإغلاظ والردع مبالغة في تأديبه، لا أنه موصوف بتلك الأمور؛ ثم انضاف إلى هذا أنهم في محاجة ولاية دينية؛ فكان العباس يعتقد أن مخالفته فيها لا تجوز، وأن مخالفته فيها تؤدي إلى أن يتصف المخالف بتلك الأمور؛ فأطلقها ببوادر الغضب على هذه الأوجه؛ ولما علم الحاضرون ذلك لم ينكروا عليه؛ أشار إلى هذا المازري والقاضي عياض وغيرهما. الثالثة: فأما من قرأ {ظلم} بالفتح في الظاء واللام - وهي، قراءة زيد بن أسلم، وكان من العلماء بالقرآن بالمدينة بعد محمد بن كعب القرظي، وقراءة ابن أبي إسحاق والضحاك وابن عباس وابن جبير وعطاء بن السائب - فالمعنى : إلا من ظلم في فعل أو قول فاجهروا له بالسوء من القول؛ في معنى النهي عن فعله والتوبيخ له والرد عليه؛ المعنى لا يحب الله أن يقال لمن تاب من النفاق : ألست نافقت ؟ إلا من ظلم، أي أقام على النفاق؛ ودل على هذا قوله تعالى {إلا الذين تابوا}. قال ابن زيد : وذلك أنه سبحانه لما أخبر عن المنافقين أنهم في الدرك الأسفل من النار كان ذلك جهرا بسوء من القول، ثم قال لهم بعد ذلك {ما يفعل الله بعذابكم} [النساء : 147] على معنى التأنيس والاستدعاء إلى الشكر والإيمان. ثم قال للمؤمنين {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} في إقامته على النفاق؛ فإنه يقال له : ألست المنافق الكافر الذي لك في الآخرة الدرك الأسفل من النار؟ ونحو هذا من القول. وقال قوم : معنى الكلام : لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول، ثم استثنى استثناء منقطعا؛ أي لكن من ظلم فإنه يجهر بالسوء ظلما وعدوانا وهو ظالم في ذلك. قلت : وهذا شأن كثير من الظلمة ودأبهم؛ فإنهم مع ظلمهم يستطيلون بألسنتهم وينالون من عرض مظلومهم ما حرم عليهم. وقال أبو إسحاق الزجاج : يجوز أن يكون المعنى {إلا من ظلم} فقال سوءا؛ فإنه ينبغي أن تأخذوا على يديه؛ ويكون الاستثناء ليس من الأول. قلت : ويدل على هذا أحاديث منها قوله عليه السلام : (خذوا على أيدي سفهائكم). وقوله : (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) قالوا : هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما ؟ قال : (تكفه عن الظلم). وقال الفراء {إلا من ظلم} يعني ولا من ظلم. قوله تعالى {وكان الله سميعا عليما} تحذير للظالم حتى لا يظلم، وللمظلوم حتى لا يتعدى الحد في الانتصار. ثم أتبع هذا بقوله {إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء} فندب إلى العفو ورغب فيه. والعفو من صفة الله تعالى مع القدرة على الانتقام؛ وقد تقدم في آل عمران فضل العافين عن الناس. ففي هذه الألفاظ اليسيرة معان كثيرة لمن تأملها. وقيل : إن عفوت فإن الله يعفو عنك. روي ابن المبارك قال : حدثني من سمع الحسن يقول : إذا جئت الأمم بين يدي رب العالمين يوم القيامة نودي ليقم من أجره على الله فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا؛ يصدق هذا الحديث قوله تعالى {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} [الشورى : 40].

التفسير الميسّر:

لا يُحِبُّ الله أن يَجهر أحدٌ بقول السوء، لكن يُباح للمظلوم أن يَذكُر ظالمه بما فيه من السوء؛ ليبيِّن مَظْلمته. وكان الله سميعًا لما تجهرون به، عليمًا بما تخفون من ذلك.

تفسير السعدي

يخبر تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول، أي: يبغض ذلك ويمقته ويعاقب عليه، ويشمل ذلك جميع الأقوال السيئة التي تسوء وتحزن، كالشتم والقذف والسب ونحو ذلك فإن ذلك كله من المنهي عنه الذي يبغضه الله. ويدل مفهومها أنه يحب الحسن من القول كالذكر والكلام الطيب اللين. وقوله: { إِلَّا مَن ظُلِمَ } أي: فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ويتشكى منه، ويجهر بالسوء لمن جهر له به، من غير أن يكذب عليه ولا يزيد على مظلمته، ولا يتعدى بشتمه غير ظالمه، ومع ذلك فعفوه وعـدم مقابلته أولى، كما قـال تعالى: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } { وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا } ولما كانت الآية قد اشتملت على الكلام السيئ والحسن والمباح، أخبر تعالى أنه { سميع } فيسمع أقوالكم، فاحذروا أن تتكلموا بما يغضب ربكم فيعاقبكم على ذلك. وفيه أيضا ترغيب على القول الحسن. { عَلِيمٌ } بنياتكم ومصدر أقوالكم.


تفسير البغوي

قوله : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) يعني : لا يحب الله الجهر بالقبح من القول إلا من ظلم ، فيجوز للمظلوم أن يخبر عن ظلم الظالم وأن يدعو عليه ، قال الله تعالى : " ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل " ( الشورى - 41 ) ، قال الحسن : دعاؤه عليه أن يقول : اللهم أعني عليه اللهم استخرج حقي منه ، وقيل : إن شتم جاز أن يشتم بمثله لا يزيد عليه .

أخبرنا أبو عبد الله الخرقي ، أنا أبو الحسن الطيسفوني ، أنا عبد الله بن عمر الجوهري ، أنا أحمد بن علي الكشميهني ، أنا علي بن حجر ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، أنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم " .

وقال مجاهد هذا في الضيف إذا نزل بقوم فلم يقروه ولم يحسنوا ضيافته فله أن يشكو ويذكر ما صنع به . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ، أنا قتيبة بن سعيد ، أنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر ، أنه قال : قلنا يا رسول الله إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقروننا فما ترى؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم " .

وقرأ الضحاك بن مزاحم وزيد بن أسلم : ( إلا من ظلم ) بفتح الظاء واللام ، معناه : لكن الظالم اجهروا له بالسوء من القول ، وقيل معناه : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول لكن يجهر من ظلم ، والقراءة الأولى هي المعروفة ، ( وكان الله سميعا ) لدعاء المظلوم ، ( عليما ) بعقاب الظالم .


الإعراب:

(لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) يحب فعل مضارع ولفظ الجلالة فاعل والجهر مفعول به والجار والمجرور متعلقان بالجهر ولا نافية (مِنَ الْقَوْلِ) متعلقان بمحذوف حال من السوء (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) من اسم الموصول مبني على السكون في محل نصب على الاستثناء وإلا أداة استثناء وقيل أداة حصر فاسم الموصول على ذلك في محل جر بالإضافة أي: إلا جهر من ظلم. وظلم فعل ماض مبني للمجهول والجملة صلة الموصول (وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً) كان ولفظ الجلالة اسمها وسميعا وعليما خبراها والجملة مستأنفة.

---

Traslation and Transliteration:

La yuhibbu Allahu aljahra bialssooi mina alqawli illa man thulima wakana Allahu sameeAAan AAaleeman

بيانات السورة

اسم السورة سورة النساء (An-Nisaa - The Women)
ترتيبها 4
عدد آياتها 176
عدد كلماتها 3712
عدد حروفها 15937
معنى اسمها (النُّـِسْوَةُ) بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ وَ(النِّسَاءُ) وَ(النِّسْوَانُ) جَمْعُ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ لفْظِهَا
سبب تسميتها كَثْرَةُ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ أَحْكَامٍ تَتَعَلَّقُ بِالنِّسَاءِ وَمَسَائِلِ الْأُسْرَّةِ وَالْمُجْتَمَعِ
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النِّسَاءِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (النِّسَاءِ الكُبْرَى) أَوْ (النِّسَاءِ الطُوْلَى)
مقاصدها تَنْظِيمُ الشُّؤُونِ الدَّاخِلِيَّةِ وَالعَلَاقَاتِ الْخَارِجِيَّةِ لِلْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النِّسَاءِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَحْكَامِ المَوَارِيثِ. فقَالَ سُبْحَانَهُ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ﴾... الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿يَسۡتَفۡتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِي ٱلۡكَلَٰلَةِۚ ...١٧٥﴾... الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النِّسَاءِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (آلِ عِمرَانَ): اختُتِمَتْ (آلُ عِمْرَانَ) بِالأَمْرِ بِتَقْوَى اللهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ٢٠٠﴾ ، وَافْتُتِحَتِ (النِّسَاءُ) بِالأَمرِ بِتَقْوَى اللهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ...١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!