Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة هود: [الآية 80]

سورة هود
قَالَ لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ ءَاوِىٓ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴿80﴾

تفسير الجلالين:

«قال لو أن لي بكم قوة» طاقة «أو آوي إلى ركن شديد» عشيرة تنصرني لبطشت بكم فلما رأت الملائكة ذلك.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)

[ خصّ صلّى اللّه عليه وسلم بعلم إحياء الأموات معنى وحس ]

خصّ صلّى اللّه عليه وسلم بعلم إحياء الأموات معنى وحسا ، فحصل العلم بالحياة المعنوية وهي حياة العلوم والحياة الحسية ، وهو ما أتى في قصة إبراهيم عليه السلام تعليما وإعلاما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، وهو قوله تعالى : «وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ» وذلك تسكين ورفق من اللّه لما يجده رسوله صلّى اللّه عليه وسلم من ردّ أمره ، فيجد لذلك عزاء في نفسه ، لما يرى من منازعة أمته إياه فيما جاء به عن اللّه ، وليري نبيه صلّى اللّه عليه وسلم ما قاست الأنبياء من أممهم فيعزي نفسه بذلك وتثبيتا لفؤاده صلّى اللّه عليه وسلم ، إن وقع منا في أمر اللّه ما وقع من هؤلاء «وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ» «وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى» لنا نحن «لِلْمُؤْمِنِينَ» لنشكر اللّه على ما أولانا من نعمه ، حيث آمنا واستسلمنا ولم نكلف نبينا أن يسأل ربه شيئا مثل ما كلّفت الأمم رسلها ، فنشكره سبحانه على هذه النعمة إذ لو شاء لألقى في قلوبنا ، ما ألقاه في قلوب الأمم قبلنا . واعلم أن جميع هذا القصص ، إنما هو قناطر وجسور موضوعة نعبر عليها إلى ذواتنا وأحوالنا المختصة بنا ، فإن فيها منفعتنا ، إذ كان اللّه نصبها معبرا ، فما أبلغ قوله تعالى «وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى» لما فيك وما عندك بما نسيته ، فيكون هذا الذي قصصته عليك يذكرك بما فيك وما نبهتك عليه .

[سورة هود (11) : الآيات 121 إلى 123]

وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)

لما تغرّب الأمر عند المحجوبين عن موطنه بما ادعوه فيه لأنفسهم قيل لهم :[ " وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ» ]

«وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ» لو نظرتم من نسبتم إليه هذا الفعل منكم ، إنما هو اللّه لا أنتم ، فأضاف الحق الأفعال إليه ليحصل للعبد الطمأنينة ، بأن الدعوى لا تصح فيها مع التمييز بين ما يستحقه الحق عزّ وجل وما لا يستحقه ، فإذا بلغ العبد هذا الحدّ ردّ الأمور كلها للّه ، ولما رجع الأمر كله للّه مما وقعت فيه الدعاوى الكاذبة ، لم يدل رجوعها إلى اللّه تعالى على أمر لم يكن عليه اللّه ، بل هويته هي هي في حال الدعاوى في المشاركة وفي حال رجوع الأمر إليه ، والمقام ليس إلا للتمييز والحقيقة ، ما عصى اللّه أحد ولا أطاعه بل الأمر كله للّه ، فأفعال العبد خلق للّه والعبد محلّ لذلك الخلق ، فالأصل في العالم قبول الأمر الإلهي في التكوين ، والعصيان أمر عارض له نسبي ، فإليه يرجع الأمر كله ، يعني الذي عليه العالم بأسره ، ما صح منه وما اعتل ، فلا تنظر إلى المناصب وانظر إلى الناصب الذي يعمل بحكم الموطن لا بما يقتضيه النظر العقلي ، فمن موطن الدنيا أن يعامل فيها الجليل بالإجلال في وقت ، وفي وقت يعامل الجليل بالصغار ، وفي وقت يعامل الصغير بالصغار ، وفي وقت يعامل الصغير بالجلال بخلاف موطن الآخرة ،

فإن العظيم بها يعامل بالعظمة ، والحقير بها يعامل بالحقارة ، ولو نظر الناظر لرأى في الدنيا من يقول في اللّه ما لا يليق به تعالى ومن يقول فيه ما يليق به من التنزيه والثناء ، فالناظر إذا كان عاقلا علم بعقله أن موطن الدنيا كذا يعطي ويترك عنه الجواز العقلي الذي يمكن في كل فرد فرد من أفراد العالم ،

فإن هذا الجواز في عين الشهود ليس بعلم ولا صحيح ، وليكن العاقل مع الواقع في الحال ، فإن ذلك صورة الأمر على ما

هو عليه في نفسه ، فإنّ اللّه تعالى ذكرنا بنفسه لنعلم أن المرجع إليه ، فلا نقوم في شيء نحتاج فيه إلى الاعتذار عنه أو نستحي منه عند المرجع إليه ، فهو تعالى على صراط مستقيم ، ومنه بدأ الأمر كله ولذلك جاء بالرجوع ، لأنه لا يمكن أن يكون الرجوع إلا من خروج متقدم ، والموجودات كلها والمحدثات ما خرجت إلى الوجود إلا عن اللّه ، فلهذا ترجع أحكامها إليه ولم تزل عنده ، وإنما سميت راجعة لما طرأ للخلق من رؤية الأسباب التي هي حجب على أعين الناظرين ، فلا يزالون ينظرون ويخترقون الأسباب من سبب إلى سبب حتى يبلغوا إلى السبب الأول ، وهو الحق فهذا معنى الرجوع ، ومن جهة أخرى لما كانت الأسماء والصفات كلها للّه تعالى حتى ما يزعم العبد أنها له ،

قال تعالى :" وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ " فأخذ منه جميع ما كان يزعم أنه له إلا العبادة ، فإنه لا يأخذها إذ كانت ليست بصفة له ،

فقال له تعالى :" وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ» وهو أصله الذي خلق له (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فالعبادة اسم حقيقي للعبد ، فهي ذاته وموطنه وحاله وعينه ونفسه وحقيقته ووجهه ، وأتى باسمه المضمر في «فَاعْبُدْهُ» لأنه إن عبدته من حيث عرفته فنفسك عبدت ، وإن عبدته من حيث لم تعرفه فنسبته إلى المرتبة الإلهية فالمرتبة عبدت ، وإن عبدته عينا من غير مظهر ولا ظاهر ولا ظهور ، بل هو هو لا أنت ، وأنت أنت لا هو ،

فهو قوله : «فَاعْبُدْهُ» فقد عبدته ، وتلك المعرفة التي ما فوقها معرفة ، فإنها معرفة لا يشهد معروفها ، «فَاعْبُدْهُ» أي تذلّل له في كل صراط يقيمك فيه ، لا تتذلل لغيره ، فإن غيره عدم ، ومن قصد العدم لم تظفر يداه بشيء ، ولا تقل أنت المدرك ، فإن الأبصار لا تدركه ، إذ لو أدرك الغيب ، ما كان غيبا ، لذلك جاء بضمير الغائب في قوله «فَاعْبُدْهُ» فاعبد ذاتا منزهة مجهولة لا تعرف منها سوى نسبتك إليها بالافتقار ، ولهذا تمم فقال : «وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ» أي اعتمد عليه «وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» من دعواكم أن الأمر إليكم ، وهو للّه ، وقطع بهذا ظهر المدّعين بالاستقامة على العبودية والتوكل ، إذا لم يكن صفتهم ولا حالهم ، فقوله تعالى «وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ» يشير به للإنسان للبراءة من نفسه ، ورد الأمر كله إلى اللّه ، فالحق سبحانه غاية الطرق ، قصدت الطرق أو لم تقصد ، فما هو غاية قصد السالك ، فإن السالك مقيد القصد (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) وفيه إشارة إلى أنه ما في الوجود بحكم الحقيقة إلا طاهر ، فإن الاسم القدوس يصحب الموجودات ، وبه يثبت

قوله:" وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» من تفريقكم بين اللّه وبين عباده ، ولا ينبغي أن يحال بين العبد وسيده ، ولا يدخل بين العبد والسيد إلا بخير ولهذا شرع الشفاعة وقبل العذر ، وأما النجاسة فهي أمر عرضي ، عيّنه حكم شرعي ، والطهارة أمر ذاتي ، ولما كان الوجود منه قال تعالى : «وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ» بين البدء والختم وهو الرجوع «وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ» فيهما ، فهل طلب منك ما ليس لك فيه تعمل ؟

" وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " فلا بد من حقيقة هنا تعطي إضافة العمل إليك مع كونه خلقا للّه تعالى ، حيث أنتم مظاهر أسمائه الحسنى ، وبها تسعدون وتشقون ،

(وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) فأضاف العمل لك ، وجعل نفسه رقيبا عليه وشهيدا ، لا يغفل ولا ينسى ، ذلك لتقتدي أنت به فيما كلفك من الأعمال ، فلا تغفل ولا تنسى لأنك أولى بهذه الصفة لافتقارك إليه وغناه عنك ، فسلّم الأمر إليه واستسلم ، تكن موافقا لما هو الأمر عليه في نفسه ، فتستريح من تعب الدعوى بين الافتتاح والختم ، وإذا علمت هذا فارجع إليه مختارا ولا ترجع مضطرا ، فإنه لا بد من رجوعك إليه ، ولا بد أن تلقاه كارها كنت أو محبا ، فإنه يلقاك بصفتك لا يزيد عليها ، فانظر لنفسك يا ولي ،

قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ من أحب لقاء اللّه ، أحب اللّه لقاءه ، ومن كره لقاء اللّه ، كره اللّه لقاءه ]

ولما كان لقاء اللّه لا يكون إلا بالموت ، فمن علم الموت استعجله في الحياة الدنيا ، فيموت في عين حياته عن جميع تصرفاته وحركاته وإراداته فيلقى اللّه بحكم من يلقاه محبا للقائه ، فإذا جاء الموت المعلوم في العامة وانكشف غطاء هذا الجسم ، لم يتغير عليه حال ولا زاد يقينا ، فما يذوق إلا الموتة الأولى ، وهي التي ماتها في حياته ،

قال عليّ رضي اللّه عنه : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ، فمن رجع إلى اللّه هذا الرجوع سعد وما أحس بالرجوع المحتوم الاضطراري ، فإنه ما جاءه إلا وهو هناك عند اللّه ، فغاية ما يكون الموت المعلوم في حقه أن نفسه التي هي عند اللّه يحال بينها وبين تدبير هذا الجسم الذي كانت تدبره ،

فتبقى مع الحق على حالها ؛ وينقلب هذا الجسد إلى أصله ، وهو التراب الذي منه نشأت ذاته ،

فكأن دارا رحل عنها ساكنها ، فأنزله الملك في مقعد صدق عنده إلى يوم يبعثون ، ويكون حاله في بعثه كذلك لا يتغير عليه حال مع كونه مع الحق لا من حيث ما يعطيه الحق مع الأنفاس ، وهكذا في الحشر العام وفي الجنان التي هي مقره ومسكنه ، وفي النشأة

التي ينزل فيها ، وهذا الرجوع ما هو رجوع التوبة فإنّه لذلك الرجوع حدّ خاص ، وهذا رجوع عام في كل الأحوال التي يكون عليها الإنسان .

- تحقيق -المسافر ترك الحق في أهله خليفة ، شفقة عليهم وحذرا وخيفة ، وما خاف عليهم إلا منه ، لأنه ما يصدر شيء إلا عنه ، إذا كان السيد راعي الغنم ، فما جار وما ظلم ، وما ينال منها إلا ما يقوته ، وقوته ما يفوته ، قوته آثار أسمائه في عباده ، وبها عمارة بلاده ، فحراثة وزراعة ، وتجارة وبضاعة ، لذلك وصف باليدين ، وأظهر في الكون النجدين ، فالواحدة بائعة والأخرى مبتاعة ، إلى قيام الساعة ، ولكل يد طريق ، هذا هو التحقيق ، فإن حكم المشتري ما هو حكم البائع ، وهذا ما لا شك فيه من غير مانع ولا منازع ، آئبون تائبون وهو التواب وإليه المآب .

- تحقيق -قال تعالى : «وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ» سمّي رجوعا لكونه منه خرج ، وإليه يعود وفيما بين الخروج والعود ، وضعت الموازين ، ومد الصراط ووقعت الدعاوى ، وظهرت الآفات ، وكانت الرسل وجاءت الأدواء ، فمنهم المستعمل لها ، والآخذ بها والتارك لها .

(12) سورة يوسف مكيّة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

------------

(120) الفتوحات ج 3 / 145 ، 268 ، 457 - إيجاز البيان آية 56 - كتاب الإسفار عن نتائج الأسفار

تفسير ابن كثير:

يقول تعالى مخبرا عن نبيه لوط ، عليه السلام : إن لوطا توعدهم بقوله : ( لو أن لي بكم قوة [ أو آوي إلى ركن شديد ] ) أي : لكنت نكلت بكم وفعلت بكم الأفاعيل [ من العذاب والنقمة وإحلال البأس بكم ] بنفسي وعشيرتي ، ولهذا ورد في الحديث ، من طريق محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " رحمة الله على لوط ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد - يعني : الله عز وجل - فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه " .

[ وروي من حديث الزهري عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا ومن حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به ، ومن حديث ابن لهيعة عن أبي يونس سمع أبا هريرة به وأرسله الحسن وقتادة ] .

فعند ذلك أخبرته الملائكة أنهم رسل الله إليه ، و [ وبشروه ] أنهم لا وصول لهم إليه [ ولا خلوص ]


تفسير الطبري :

قوله تعالى‏ {‏ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم‏}‏ لما خرجت الملائكة من عند إبراهيم، وكان بين إبراهيم وقرية لوط أربعة فراسخ بصرت بنتا لوط - وهما تستقيان - بالملائكة ورأتا هيئة حسنة، فقالتا‏:‏ ما شأنكم‏؟‏ ومن أين أقبلتم‏؟‏ قالوا‏:‏ من موضع كذا نريد هذه القرية قالتا‏:‏ فإن أهلها أصحاب الفواحش؛ فقالوا‏:‏ أبها من يضيفنا‏؟‏ قالتا‏:‏ نعم‏!‏ هذا الشيخ وأشارتا إلى لوط؛ فلما رأى لوط هيئتهم خاف قومه، عليهم‏.‏ ‏{‏سيء بهم‏}‏ أي ساءه مجيئهم؛ يقال‏:‏ ساء بسوء فهو لازم، وساءه يسوءه فهو متعد أيضا، وإن شئت ضممت السين؛ لأن أصلها الضم، والأصل سوئ بهم من السوء؛ قلبت حركة الواو على السين فانقلبت ياء، وإن خففت الهمزة ألقيت حركتها على الياء فقلت‏ "‏سي بهم‏"‏ مخففا، ولغة شاذة بالتشديد‏.‏ {‏وضاق بهم ذرعا‏}‏ أي ضاق صدره بمجيئهم وكرهه‏.‏ وقيل‏:‏ ضاق وسعه وطاقته‏.‏ وأصله أن يذرع البعير بيديه في سيره ذرعا على قدر سعة خطوه؛ فإذا حمل على أكثر من طوقه ضاق عن ذلك، وضعف ومد عنقه؛ فضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع‏.‏ وقيل‏:‏ هو من ذرعه القيء أي غابه؛ أي ضاق عن حبسه المكروه في نفسه، وإنما ضاق ذرعه بهم لما رأى من جمالهم، وما يعلم من فسق قومه‏.‏ ‏{‏وقال هذا يوم عصيب‏}‏ أي شديد في الشر‏.‏ وقال الشاعر‏:‏ وإنك إلا ترض بكر بن وائل ** يكن لك يوم بالعراق عصيب وقال آخر‏:‏ يوم عصيب يعصب الأبطالا ** عصب القوي السلم الطوالا ويقال‏:‏ عصيب وعصبصب على التكثير؛ أي مكروه مجتمع الشر وقد‏.‏ عصب؛ أي عصب بالشر عصابة، ومنه قيل‏:‏ عصبة وعصابة أي مجتمعو الكلمة؛ أي مجتمعون في أنفسهم‏.‏ وعصبة الرجل المجتمعون معه في النسب؛ وتعصبت لفلان صرت كعصبته، ورجل معصوب، أي مجتمع الخلق‏.‏ قوله تعالى‏ {‏وجاءه قومه يهرعون إليه‏}‏ في موضع الحال‏.‏ {‏يهرعون‏}‏ أي يسرعون‏.‏ قال الكسائي والفراء وغيرهما من أهل اللغة‏:‏ لا يكون الإهراع إلا إسراعا مع رعدة؛ يقال‏:‏ أهرع الرجل إهراعا أي أسرع في رعدة من برد أو غضب أو حمى، وهو مهرع؛ قال مهلهل‏:‏ فجاؤوا يهرعون وهم أسارى ** نقودهم على رغم الأنوف وقال آخر‏:‏ بمعجلات نحوه مهارع ** وهذا مثل‏:‏ أُولع فلان بالأمر، وأرعد زيد‏.‏ وزهي فلان‏.‏ وتجيء ولا تستعمل إلا على هذا الوجه‏.‏ وقيل‏:‏ أهرع أي أهرعه حرصه؛ وعلى هذا ‏{‏يهرعون‏}‏ أي يستحثون عليه‏.‏ ومن قال بالأول قال‏:‏ لم يسمع إلا أهرع الرجل أي أسرع؛ على لفظ ما لم يسم فاعله‏.‏ قال ابن القوطية‏:‏ هرع الإنسان هرعا، وأهرع‏:‏ سيق واستعجل‏.‏ وقال الهروي يقال‏:‏ هرع الرجل وأهرع أي استحث‏.‏ قال ابن عباس وقتادة والسدي‏:‏ ‏(‏يهرعون‏:‏ يهرولون‏)‏‏.‏ الضحاك‏:‏ يسعون‏.‏ ابن عيينة‏:‏ كأنهم يدفعون‏.‏ وقال شمر بن عطية‏:‏ هو مشي بين الهرولة والجَمَزَى‏.‏ وقال الحسن‏:‏ مشي بين مشيين؛ والمعنى متقارب‏.‏ وكان سبب إسراعهم ما روي أن امرأة لوط الكافرة، لما رأت الأضياف وجمالهم وهيئتهم، خرجت حتى أتت مجالس قومها، فقالت لهم‏:‏ إن لوطا قد أضاف الليلة فتية ما رئي مثلهم جمال؛ وكذا وكذا؛ فحينئذ جاؤوا يهرعون إليه‏.‏ ويذكر أن الرسل لما وصلوا إلى بلد لوط وجدوا لوطا في حرث له‏.‏ وقيل‏:‏ وجدوا ابنته تستقي ماء من نهر سدوم؛ فسألوها الدلالة على من يضيفهم، ورأت هيئتهم فخافت عليهم من قوم لوط، وقالت لهم‏:‏ مكانكم‏!‏ وذهبت إلى أبيها فأخبرته؛ فخرج إليهم؛ فقالوا‏:‏ نريد أن تضيفنا الليلة؛ فقال لهم‏:‏ أوما سمعتم بعمل هؤلاء القوم‏؟‏ فقالوا‏:‏ وما عملهم‏؟‏ فقال أشهد بالله إنهم لشر قوم في الأرض - وقد كان الله عز وجل، قال لملائكته لا تعذبوهم حتى يشهد لوط عليهم أربع شهادات - فلما قال لوط هذه المقالة، قال جبريل لأصحابه‏:‏ هذه واحدة، وتردد القول بينهم حتى كرر لوط الشهادة أربع مرات، ثم دخل بهم المدينة‏.‏ قوله تعالى ‏{‏ومن قبل‏}‏ أي ومن قبل مجيء الرسل‏.‏ وقيل‏:‏ من قبل لوط‏.‏ ‏{‏كانوا يعملون السيئات‏}‏ أي كانت عادتهم إتيان الرجال‏.‏ فلما جاؤوا إلى لوط وقصدوا أضيافه قام إليهم لوط مدافعا، وقال‏ {‏هؤلاء بناتي‏}‏ ابتداء وخبر‏.‏ وقد اختلف في قوله‏ {‏هؤلاء بناتي‏}‏ فقيل‏:‏ كان له ثلاث بنات من صلبه‏.‏ وقيل‏:‏ بنتان؛ زيتا وزعوراء؛ فقيل‏:‏ كان لهم سيدان مطاعان فأراد أن يزوجهما ابنتيه‏.‏ وقيل‏:‏ ندبهم في هذه الحالة إلى النكاح، وكانت سنتهم جواز نكاح الكافر المؤمنة؛ وقد كان هذا في أول الإسلام جائزا ثم نسخ؛ فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بنتا له من عتبة بن أبي لهب، والأخرى من أبي العاص بن الربيع قبل الوحي، وكانا كافرين‏.‏ وقالت فرقة - منهم مجاهد وسعيد بن جبير - أشار بقوله‏{‏بناتي‏}‏ إلى النساء جملة؛ إذ نبي القوم أب لهم؛ ويقوي هذا أن في قراءة ابن مسعود‏.‏ ‏{‏النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم‏} [‏الأحزاب‏:‏ 6‏]‏‏.‏ وقالت طائفة‏:‏ إنما كان الكلام مدافعة ولم يرد إمضاءه؛ روي هذا القول عن أبي عبيدة؛ كما يقال لمن ينهى عن أكل مال الغير‏:‏ الخنزير أحل لك من هذا‏.‏ وقال عكرمة‏:‏ لم يعرض عليهم بناته ولا بنات أمته، وإنما قال لهم هذا لينصرفوا‏.‏ قوله تعالى‏ {‏هن أطهر لكم‏}‏ ابتداء وخبر؛ أي أزوجكموهن؛ فهو أطهر لكم مما تريدون، أي أحل‏.‏ والتطهر التنزه عما لا يحل‏.‏ وقال ابن عباس‏:‏ ‏(‏كان رؤساؤهم خطبوا بناته فلم يجبهم، وأراد ذلك اليوم أن يفدي أضيافه ببناته‏)‏‏.‏ وليس ألف ‏{‏أطهر‏}‏ للتفضيل حتى يتوهم أن في نكاح الرجال طهارة، بل هو كقولك‏:‏ الله أكبر وأعلى وأجل، وإن لم يكن تفضيل؛ وهذا جائز شائع في كلام العرب، ولم يكابر الله تعالى أحد حتى يكون الله تعالى أكبر منه‏.‏ وقد قال أبو سفيان بن حرب يوم أحد‏:‏ اعل هبل اعل هبل؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر‏:‏ ‏(‏قل الله أعلى وأجل‏)‏‏.‏ وهبل لم يكن قط عاليا ولا جليلا‏.‏ وقرأ العامة برفع الراء‏.‏ وقرأ الحسن وعيسى بن عمرو ‏{‏هن أطهر‏}‏ بالنصب على الحال‏.‏ و‏{‏هن‏}‏ عماد‏.‏ ولا يجيز الخليل وسيبويه والأخفش أن يكون ‏{‏هن‏}‏ ههنا عمادا، وإنما يكون عمادا فيما لا يتم الكلام إلا بما بعدها، نحو كان زيد هو أخاك، لتدل بها على أن الأخ ليس بنعت‏.‏ قال الزجاج‏:‏ ويدل بها على أن كان تحتاج إلى خبر‏.‏ وقال غيره‏:‏ يدل بها على أن الخبر معرفة أو ما قارنها‏.‏ قوله تعالى‏ {‏فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي‏}‏ أي لا تهينوني ولا تذلوني‏.‏ ومنه قول حسان‏:‏ فأخزاك ربي يا عتيب بن مالك ** ولقاك قبل الموت إحدى الصواعق مددت يمينا للنبي تعمدا ** ودميت فاه قطعت بالبوارق ويجوز أن يكون من الخزاية، وهو الحياء، والخجل؛ قال ذو الرمة‏:‏ خزاية أدركته بعد جولته ** من جانب الحبل مخلوطا بها الغضب وقال آخر‏:‏ من البيض لا تخزى إذا الريح ألصقت ** بها مرطها أو زايل الحلي جيدها وضيف يقع للاثنين والجميع على لفظ الواحد، لأنه في الأصل مصدر؛ قال الشاعر‏:‏ لا تعدمي الدهر شفار الجازر ** للضيف والضيف أحق زائر ويجوز فيه التثنية والجمع؛ والأول أكثر كقولك‏:‏ رجال صوم وفطر وزور‏.‏ وخزي الرجل خزاية؛ أي استحيا مثل ذل وهان‏.‏ وخزي خزيا إذا افتضح؛ يخزى فيهما جميعا‏.‏ ثم وبخهم بقوله‏ {‏أليس منكم رجل رشيد‏}‏ أي شديد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر‏.‏ وقيل‏{‏رشيد‏}‏ أي ذو رشد‏.‏ أو بمعنى راشد أو مرشد، أي صالح أو مصلح ابن عباس‏:‏ مؤمن‏.‏ أبو مالك‏:‏ ناه عن المنكر‏.‏ وقيل‏:‏ الرشيد بمعنى الرشد؛ والرشد والرشاد الهدى والاستقامة‏.‏ ويجوز أي يكون بمعنى المرشد؛ كالحكيم بمعنى المحكم‏.‏ قوله تعالى‏ {‏قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق‏}‏ روي أن قوم لوط خطبوا بناته فردهم، وكانت سنتهم أن من رد في خطبة امرأة لم تحل له أبدا؛ فذلك قوله تعالى‏ {‏قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق‏}‏ وبعد ألا تكون هذه الخاصية‏.‏ فوجه الكلام أنه ليس، لنا إلى بناتك تعلق، ولا هن قصدنا، ولا لنا عادة نطلب ذلك‏.‏ {‏وإنك لتعلم ما نريد‏}‏ إشارة إلى الأضياف‏.‏ قوله تعالى‏ {‏قال لو أن لي بكم قوة‏}‏ لما رأى استمرارهم في غيهم، وضعف عنهم، ولم يقدر على دفعهم، تمنى لو وجد عونا على ردهم؛ فقال على جهة التفجع والاستكانة‏.‏ ‏{‏لو أن لي بكم قوة‏}‏ أي أنصارا وأعوانا‏.‏ وقال ابن عباس‏:‏ أراد الولد‏.‏ و‏{‏أن‏}‏ في موضع رفع بفعل مضمر، تقديره‏:‏ لو اتفق أو وقع‏.‏ وهذا يطرد في ‏{‏أن‏}‏ التابعة لـ ‏{‏لو‏}‏‏.‏ وجواب ‏}{لو‏}‏ محذوف؛ أي لرددت أهل الفساد، وحلت بينهم وبين ما يريدون‏.‏ ‏{‏أو آوي إلى ركن شديد‏}‏ أي ألجأ وأنضوي‏.‏ وقرئ ‏"‏أو آوي‏"‏ بالنصب عطفا على ‏{‏قوة‏}‏ كأنه قال‏ "‏لو أن لي بكم قوة‏"‏ أو إيواء إلى ركن شديد؛ أي وأن آوي، فهو منصوب بإضمار ‏"‏أن‏"‏‏.‏ ومراد لوط بالركن العشيرة، والمنعة بالكثرة‏.‏ وبلغ بهم قبيح فعلهم إلى قوله هذا مع علمه بما عند الله تعالى؛ فيروى أن الملائكة وجدت عليه حين قال هذه الكلمات، وقالوا‏:‏ إن ركنك لشديد‏.‏ وفي البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد‏)‏ الحديث؛ وقد تقدم في ‏"‏البقرة‏"‏‏.‏ وخرجه الترمذي وزاد ‏(‏ما بعث الله بعده نبيا إلا في ثروة من قومه‏)‏‏.‏ قال محمد بن عمرو‏:‏ والثروة الكثرة والمنعة؛ حديث حسن‏.‏ ويروى أن لوطا عليه السلام لما غلبه قومه، وهموا بكسر الباب وهو يمسكه، قالت له الرسل‏:‏ تنح عن الباب؛ فتنحى وانفتح الباب؛ فضربهم جبريل بجناحه فطمس أعينهم، وعموا وانصرفوا على أعقابهم يقولون‏:‏ النجاء؛ قال الله تعالى‏{‏ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم‏}‏ [القمر‏:‏ 37‏]‏‏.‏ وقال ابن عباس وأهل التفسير‏:‏ أغلق لوط بابه والملائكة معه في الدار، وهو يناظر قومه ويناشدهم من وراء الباب، وهم يعالجون تسور الجدار؛ فلما رأت الملائكة ما لقي من الجهد والكرب والنصب بسببهم، قالوا‏:‏ يا لوط إن ركنك لشديد، وأنهم آتيهم عذاب غير مردود، وإنا رسل ربك؛ فافتح الباب ودعنا وإياهم؛ ففتح الباب فضربهم جبريل بجناحه على ما تقدم‏.‏ وقيل‏:‏ أخذ جبريل قبضة من تراب فأذراها في وجوههم، فأوصل الله إلى عين من بعد ومن قرب من ذلك التراب فطمس أعينهم، فلم يعرفوا طريقا، ولا اهتدوا إلى بيوتهم، وجعلوا يقولون‏:‏ النجاء النجاء‏!‏ فإن في بيت لوط قوما هم أسحر من على وجه الأرض، وقد سحرونا فأعموا أبصارنا‏.‏ وجعلوا يقولون‏:‏ يا لوط كما أنت حتى نصبح فسترى؛ يتوعدونه‏.‏ قوله تعالى‏ {‏قالوا يا لوط إنا رسل ربك‏}‏ لما رأت الملائكة حزنه واضطرابه ومدافعته عرفوه بأنفسهم، فلما علم أنهم رسل مكن قومه من الدخول، فأمر جبريل عليه السلام يده على أعينهم فعموا، وعلى أيديهم فجفت‏.‏ ‏{‏لن يصلوا إليك‏}‏ أي بمكروه ‏{‏فأسر بأهلك‏}‏ قرئ ‏"‏فاسر‏"‏ بوصل الألف وقطعها؛ لغتان فصيحتان‏.‏ قال الله تعالى‏ {‏والليل إذا يسر‏}[‏الفجر‏:‏ 4‏]‏ وقال‏{‏سبحان الذي أسرى‏} [‏الإسراء‏:‏ 1‏]‏ وقال النابغة‏:‏ فجمع بين اللغتين‏:‏ أسرت عليه من الجوزاء سارية ** تزجي الشمال عليه جامد البرد وقال آخر‏:‏ حي النضيرة ربة الخدر ** أسرت إليك ولم تكن تسري وقد قيل‏ {‏فأسر‏}‏ بالقطع إذا سار من أول الليل، وسرى إذا سار من آخره؛ ولا يقال في النهار إلا سار‏.‏ وقال لبيد‏:‏ إذا المرء أسرى ليلة ظن أنه ** قضى عملا والمرء ما عاش عامل وقال عبدالله بن رواحة‏:‏ عند الصباح يحمد القوم السرى ** وتنجلي عنهم غيابات الكرى ‏{‏بقطع من الليل‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ بطائفة من الليل‏.‏ الضحاك‏:‏ ببقية من الليل‏.‏ قتادة‏:‏ بعد مضي صدر من الليل‏.‏ الأخفش‏:‏ بعد جنح من الليل‏.‏ ابن الأعرابي‏:‏ بساعة من الليل‏.‏ وقيل‏:‏ بظلمة من الليل‏.‏ وقيل‏:‏ بعد هدء من الليل‏.‏ وقيل‏:‏ هزيع من الليل‏.‏ وكلها متقاربة؛ وقيل‏:‏ إنه نصف الليل؛ مأخوذ من قطعه نصفين؛ ومنه قول الشاعر‏:‏ ونائحة تنوح بقطع ليل ** على رجل بقارعة الصعيد فإن قيل‏:‏ السرى لا يكون إلا بالليل، فما معنى ‏{‏بقطع من الليل‏}‏‏؟‏ فالجواب‏:‏ أنه لو لم يقل‏{‏بقطع من الليل‏}‏ جاز أن يكون أوله‏.‏ ‏{‏ولا يلتفت منكم أحد‏}‏ أي لا ينظر وراءه منكم أحد؛ قال مجاهد‏.‏ ابن عباس‏:‏ لا يتخلف منكم أحد‏.‏ علي بن عيسى لا يشتغل منكم أحد بما يخلفه من مال أو متاع‏.‏ {‏إلا امرأتك‏}‏ بالنصب؛ وهي القراءة الواضحة البينة المعنى؛ أي فأسر بأهلك إلا امرأتك‏.‏ وكذا في قراءة ابن مسعود ‏"‏فأسر بأهلك إلا امرأتك‏"‏ فهو استثناء من الأهل‏.‏ وعلى هذا لم يخرج بها معه‏.‏ وقد قال الله عز وجل‏ {‏كانت من الغابرين‏}[‏الأعراف‏:‏ 83‏]‏ أي من الباقين‏.‏ وقرأ أبو عمرو وابن كثير‏"‏إلا امرأتك‏"‏ بالرفع على البدل من {‏أحد‏}‏‏.‏ وأنكر هذه القراءة جماعة منهم أبو عبيد؛ وقال‏:‏ لا يصح ذلك إلا برفع ‏{‏يلتفت‏}‏ ويكون نعتا؛ لأن المعنى يصير - إذا أبدلت وجزمت - أن المرأة أبيح لها الالتفات، وليس المعنى كذلك‏.‏ قال النحاس‏:‏ وهذا الحمل من أبي عبيد وغيره على مثل أبي عمرو مع جلالته ومحله من العربية لا يجب أن يكون؛ والرفع على البدل له معنى صحيح، والتأويل له على ما حكى محمد بن الوليد عن محمد بن يزيد أن يقول الرجل لحاجبه‏:‏ لا يخرج فلان؛ فلفظ النهي لفلان ومعناه للمخاطب؛ أي لا تدعه يخرج؛ ومثله قولك‏:‏ لا يقم أحد إلا زيد؛ يكون معناه‏:‏ انههم عن القيام إلا زيدا؛ وكذلك النهي للوط ولفظه لغيره؛ كأنه قال‏:‏ انههم لا يلتفت منهم أحد إلا امرأتك فإنها تلتفت وتهلك، وأن النهي عن الالتفات لأنه كلام تام؛ أي لا يلتفت، منكم أحد إلا امرأتك فإنها تلتفت وتهلك، وأن لوطا خرج بها، ونهى من معه ممن أسرى بهم ألا يلتفت، فلم يلتفت منهم أحد سوى زوجته؛ فإنها لما سمعت هدة العذاب التفتت وقالت‏:‏ واقوماه‏!‏ فأدركها حجر فقتلها‏.‏ ‏{‏إنه مصيبها‏}‏ أي من العذاب، والكناية في ‏{‏إنه‏}‏ ترجع إلى الأمر والشأن؛ أي فإن الأمر والشأن والقصة‏.‏ {‏مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح‏}‏ لما قالت الملائكة‏ {‏إنا مهلكو أهل هذه القرية‏} [‏العنكبوت‏:‏ 31‏]‏ قال لوط‏:‏ الآن الآن‏.‏ استعجلهم بالعذاب لغيظه على قومه؛ فقالوا‏{‏أليس الصبح بقريب‏}‏ وقرأ عيسى بن عمر {‏أليس الصبح‏}‏ بضم الباء وهي لغة‏.‏ ويحتمل أن يكون جعل الصبح ميقاتا لهلاكهم؛ لأن النفوس فيه أودع، والناس فيه أجمع‏.‏ وقال بعض أهل التفسير‏:‏ إن لوطا خرج بابنتيه ليس معه غيرهما عند طلوع الفجر؛ وأن الملائكة قالت له‏:‏ إن الله قد وكل بهذه القرية ملائكة معهم صوت رعد، وخطف برق، وصواعق عظيمة، وقد ذكرنا لهم أن لوطا سيخرج فلا تؤذوه؛ وأمارته أنه لا يلتفت، ولا تلتفت ابنتاه فلا يهولنك ما ترى‏.‏ فخرج لوط وطوى الله له الأرض في وقته حتى نجا ووصل إلى إبراهيم‏.‏ قوله تعالى‏ {‏فلما جاء أمرنا‏}‏ أي عذابنا‏.‏ {‏جعلنا عاليها سافلها‏}‏ وذلك أن جبريل عليه السلام أدخل جناحه تحت قرى قوم لوط، وهي خمس‏:‏ سدوم - وهي القرية العظمى - وعامورا، ودادوما، وضعوه، وقتم، فرفعها من تخوم الأرض حتى أدناها من السماء بما في فيها؛ حتى سمع أهل السماء نهيق حمرهم وصياح ديكتهم، لم تنكفئ لهم جرة، ولم ينكسر لهم إناء، ثم نكسوا على رؤوسهم، وأتبعهم الله بالحجارة‏.‏ مقاتل‏.‏ أهلكت أربعة، ونجت ضعوه‏.‏ وقيل‏:‏ غير هذا، والله أعلم‏.‏ قوله تعالى‏ {‏وأمطرنا عليها حجارة من سجيل‏}‏ دليل على أن من فعل فعلهم حكمه الرجم، وقد تقدم في "‏الأعراف‏"‏‏.‏ وفي التفسير‏:‏ أمطرنا في العذاب، ومطرنا في الرحمة‏.‏ وأما كلام العرب فيقال‏:‏ مطرت السماء وأمطرت‏:‏ حكاه الهروي‏.‏ واختلف في ‏{‏السجيل‏}‏ فقال النحاس‏:‏ السجيل الشديد الكثير؛ وسجيل وسجين اللام والنون أختان‏.‏ وقال أبو عبيدة‏:‏ السجيل الشديد؛ وأنشد‏:‏ ضربا تواصى به الأبطال سجينا ** قال النحاس‏:‏ ورد عليه هذا القول عبدالله بن مسلم وقال‏:‏ هذا سجين وذلك سجيل فكيف يستشهد به‏؟‏‏!‏ قال النحاس‏:‏ وهذا الرد لا يلزم؛ لأن أبا عبيدة ذهب إلى أن اللام تبدل من النون لقرب إحداهما من الأخرى؛ وقول أبي عبيدة يرد من جهة أخرى؛ وهي أنه لو كان على قوله لكان حجارة سجيلا؛ لأنه لا يقال‏:‏ حجارة من شديد؛ لأن شديدا نعت‏.‏ وحكى أبو عبيدة عن الفراء أنه قد يقال لحجارة الأرحاء سجيل‏.‏ وحكى عنه محمد بن الجهم أن سجيلا طين يطبخ حتى يصير بمنزلة الأرحاء‏.‏ وقالت طائفة منهم ابن عباس وسعيد بن جبير وابن إسحاق‏:‏ إن سجيلا لفظة غير عربية عربت، أصلها سنج وجيل‏.‏ ويقال‏:‏ سنك وكيل؛ بالكاف موضع الجيم، وهما بالفارسية حجر وطين عربتهما العرب فجعلتهما اسما واحدا‏.‏ وقيل‏:‏ هو من لغة العرب‏.‏ وقال قتادة وعكرمة‏:‏ السجيل الطين بدليل قوله ‏{‏لنرسل عليهم حجارة من طين‏} [‏الذاريات‏:‏ 33‏]‏‏.‏ وقال الحسن‏:‏ كان أصل الحجارة طينا فشددت‏.‏ والسجيل عند العرب كل شديد صلب‏.‏ وقال الضحاك‏:‏ يعني الآجر‏.‏ وقال ابن زيد‏:‏ طين طبخ حتى كان كالآجر؛ وعنه أن سجيلا اسم السماء الدنيا؛ ذكره المهدوي؛ وحكاه الثعلبي عن أبي العالية؛ وقال ابن عطية‏:‏ وهذا ضعيف يرده وصفه بـ ‏{‏منضود‏}‏‏.‏ وعن عكرمة‏:‏ أنه بحر معلق في الهواء بين السماء والأرض منه نزلت الحجارة‏.‏ وقيل‏:‏ هي جبال في السماء، وهي التي أشار الله تعالى إليها بقوله‏ {‏وينزل من السماء من جبال فيها من برد‏} [‏النور‏:‏ 43‏]‏‏.‏ وقيل‏:‏ هو مما سجل لهم أي كتب لهم أن يصيبهم؛ فهو في معنى سجين؛ قال الله تعالى‏ {‏وما أدراك ما سجين‏.‏ كتاب مرقوم‏} [‏المطففين‏:‏ 8‏]‏ قاله الزجاج واختاره‏.‏ وقيل‏:‏ هو فعيل من أسجلته أي أرسلته؛ فكأنها مرسلة عليهم‏.‏ وقيل‏:‏ هو من أسجلته إذا أعطيته؛ فكأنه عذاب أعطوه؛ قال‏:‏ من يساجلني يساجل ماجدا ** يملأ الدلو إلى عقد الكرب وقال أهل المعاني‏:‏ السجيل والسجين الشديد من الحجر والضرب؛ قال ابن مقبل‏:‏ ورجلة يضربون البيض ضاحية ** ضربا تواصى به الأبطال سجينا ‏{‏منضود‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ متتابع‏.‏ وقال قتادة‏:‏ نضد بعضها فوق بعض‏.‏ وقال الربيع‏:‏ نضد بعضه على بعض حتى صار جسدا واحدا‏.‏ وقال عكرمة‏:‏ مصفوف‏.‏ وقال بعضهم مرصوص؛ والمعنى متقارب‏.‏ يقال‏:‏ نضدت المتاع واللبن إذا جعلت بعضه على بعض، فهو منضود ونضيد ونضد؛ قال‏:‏ ورفعته إلى السجفين فالنضد ** وقال أبو بكر الهذلي‏:‏ معد؛ أي هو مما أعده الله لأعدائه الظلمة‏.‏ ‏{‏مسومة‏}‏ أي معلمة، من السيما وهي العلامة؛ أي كان عليها أمثال الخواتيم‏.‏ وقيل‏:‏ مكتوب على كل حجر اسم من رمي به، وكانت لا تشاكل حجارة الأرض‏.‏ وقال الفراء‏:‏ زعموا أنها كانت بحمرة وسواد في بياض، فذلك تسويمها‏.‏ وقال كعب‏:‏ كانت معلمة ببياض وحمرة، وقال الشاعر‏:‏ غلام رماه الله بالحسن يافعا ** له سيمياء لا تشق على البصر و‏{‏مسومة‏}‏ من نعت حجارة‏.‏ و{‏منضود‏}‏ من نعت ‏{‏سجيل‏}‏‏.‏ وفي قوله‏ {‏عند ربك‏}‏ دليل على أنها ليست من حجارة الأرض؛ قاله الحسن‏.‏ ‏{‏وما هي من الظالمين ببعيد‏}‏ يعني قوم لوط؛ أي لم تكن تخطئهم‏.‏ وقال مجاهد‏:‏ يرهب قريشا؛ المعنى‏:‏ ما الحجارة من ظالمي قومك يا محمد ببعيد‏.‏ وقال قتادة وعكرمة‏:‏ يعني ظالمي هذه الأمة؛ والله ما أجار الله منها ظالما بعد‏.‏ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏سيكون في آخر أمتي قوم يكتفي رجالهم بالرجال ونساؤهم بالنساء فإذا كان ذلك فارتقبوا عذاب قوم لوط أن يرسل الله عليهم حجارة من سجيل‏)‏ ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{‏وما هي من الظالمين ببعيد‏}‏‏.‏ وفي رواية عنه عليه السلام ‏(‏لا تذهب الليالي والأيام حتى تستحل هذه الأمة أدبار الرجال كما استحلوا أدبار النساء فتصيب طوائف من هذه الأمة حجارة من ربك‏)‏‏.‏ وقيل‏:‏ المعنى ما هذه القرى من الظالمين ببعيد؛ وهي بين الشام والمدينة‏.‏ وجاء ‏{‏ببعيد‏}‏ مذكرا على معنى بمكان بعيد‏.‏ وفي الحجارة التي أمطرت قولان‏:‏ أحدهما‏.‏ أنها أمطرت على المدن حين رفعها جبريل‏.‏ الثاني‏:‏ أنها أمطرت على من لم يكن في المدن من أهلها وكان خارجا عنها‏.

التفسير الميسّر:

قال لهم حين أبوا إلا فعل الفاحشة: لو أن لي بكم قوة وأنصارًا معي، أو أركَن إلى عشيرة تمنعني منكم، لَحُلْتُ بينكم وبين ما تريدون.

تفسير السعدي

فاشتد قلق لوط عليه الصلاة والسلام، و { قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } كقبيلة مانعة، لمنعتكم.

وهذا بحسب الأسباب المحسوسة، وإلا فإنه يأوي إلى أقوى الأركان وهو الله، الذي لا يقوم لقوته أحد، ولهذا لما بلغ الأمر منتهاه واشتد الكرب.


تفسير البغوي

( قال ) لهم لوط عند ذلك : ( لو أن لي بكم قوة ) أراد قوة البدن ، أو القوة بالأتباع ، ( أو آوي إلى ركن شديد ) أي : أنضم إلى عشيرة مانعة . وجواب " لو " مضمر أي لقاتلناكم وحلنا بينكم وبينهم . قال أبو هريرة : ما بعث الله بعده نبيا إلا في منعة من عشيرته .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، أنبأنا أبو اليمان ، أنبأنا شعيب بن أبي حمزة ، أنبأنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يغفر الله للوط إن كان ليأوي إلى ركن شديد " .

قال ابن عباس وأهل التفسير : أغلق لوط بابه والملائكة معه في الدار ، وهو يناظرهم ويناشدهم من وراء الباب وهم يعالجون تسور الجدار ، فلما رأت الملائكة ما يلقى لوط بسببهم :


الإعراب:

(قالَ) ماض فاعله مستتر والجملة مستأنفة (لَوْ) حرف يتضمن معنى الشرط والجملة مقول القول (أَنَّ) حرف مشبه بالفعل (لِي) متعلقان بالخبر المقدم لأن (بِكُمْ) متعلقان بالحال المحذوفة (قُوَّةً) اسم أن والصدر المؤول فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت والجملة لا محل لها (أَوْ) عاطفة (آوِي) مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل وفاعله مستتر والجملة معطوفة (إِلى رُكْنٍ) متعلقان بآوي (شَدِيدٍ) صفة.

---

Traslation and Transliteration:

Qala law anna lee bikum quwwatan aw awee ila ruknin shadeedin

بيانات السورة

اسم السورة سورة هود (Hud - Hud)
ترتيبها 11
عدد آياتها 123
عدد كلماتها 1947
عدد حروفها 7633
معنى اسمها (هُودٌ عليه السلام): هُوَ نَبِيُّ اللهِ هُودُ بنُ شَالِح، يَرْجِعُ نَسَبُهُ إِلَى سَامِ بنِ نُوحٍ عليه السلام، أَرسَلَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى قَومِ عَادٍ فِي مَوْضِعِ الأَحْقَافِ مِنْ بِلَادِ اليَمَنِ
سبب تسميتها تَفصِيلُ قِصَّةِ هُودٍ عليه السلام فِي هَذِهِ السُّورَةِ دُونَ غَيرِهَا مِنْ سُوَرِ القُرآنِ الكريم
أسماؤها الأخرى لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (هود عليه السلام)
مقاصدها بَيَانُ مُهِمَّةِ الرُّسُلِ فِي تَقْرِيرِ عَقِيدَةِ التَّوحِيدِ وَالبَعْثِ، وَمَوقِفِ أَقْوَامِهِمْ مِنْهُمْ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولَكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آيَاتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها فِيهَا مَوْعِظَةٌ شَدِيْدَةٌ عَنِ العَذَابِ وَأَهْوَالِ يَوِمِ القِيَامَةِ، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ شِبْتَ، قَالَ: «شَيَّبَتْنِي (هُودٌ) و(الْوَاقِعَةُ) و(الْمُرْسَلَاتُ) و(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) و(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)». (حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، رَواهُ التِّرمِذِيّ). هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾، فَفِي الحَدِيثِ الطَّوِيْلِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾». (حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَواهُ أَبُو دَاوُود)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (هُودٍ عليه السلام) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ اسْمِ اللهِ الخَبِيرِ وَمُقْتَضَاهُ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ١٢٣﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (هُودٍ عليه السلام) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (يُونُسَ عليه السلام): اخْتُتِمَتْ سُورَةُ (يُونُسَ عليه السلام) بِاسْمِ اللهِ الحَكِيمِ فَقَالَ: ﴿ۚ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلۡحَٰكِمِينَ ١٠٩﴾، وافْتُتِحَتْ سُورَةُ (هود عليه السلام) بِاسْمِ اللهِ الحَكِيمِ فَقَالَ: ﴿مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!