The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


12. الموقف الثاني عشر

قال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ لَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ﴾[النور: 24/ 36-37].

وقوله: ﴿ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ﴾.

والتجارة أعم من البيع والشراء. قال: فلان يتجر في كذا، وهو جالس في بيته مثلاً، معنى أنَّ بيعه وشراءه إذا باع واشترى يكون فيه، وقد يكون في دكانه أو سوقه يقصد البيع والشراء، وما حصل منه بيع ولا شراء بالفعل، فهو في هذه الحالة وفي حالة ملابسة البيع والشراء غير ملهي عن ذكر الله، وليس المراد خصوص ذكر اللسان، وإنم أن حركاتهم وسكناتهم كانت لله، وفي الله وبالله، فكان لهم حضور مع الله تعالى ومراقبة ونيّة صالحة في حالة بيعهم وشرائهم وتجارتهم وجميع تصرفاتهم، وهو المراد بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾[المعارج: 70/23].

أي يكونون في جميع أحوالهم وتصرفاتهم، حاضرين مع الله تعالى مراقبين له، كحضورهم معه، ومراقبتهم له، في حال كونهم في صلاتهم. إذ من المعلوم أنهم كانت لهم ضروريات، لا بُدَّ لهم من التصرف فيها، ولذا قال: ﴿ لَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ﴾[النور 24/37].

وما قال: لا يتّجرون ولا يبيعون، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنه ـ قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كلِّ أحيانه»، أي حالاته وأوقاته.

والمراد: أنه كان دائم الحضور والمراقبة لله، إذ من البيّن أنه عليه الصلاة والسلام كان يأكل ويشرب وينام ويتصرف في مصالح بيته ومصالح غيرهم من أصناف الخلق.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!